تستعير الفنانة الفلسطينية تمام الأكحل فضاء اللوحة، ونبض الألوان، وشفافية الريشة لتخلق من إبداعها التشكيلي سيرة نضالية، أسست بها فعلاً فنياً تغييرياً مترامي المعاني بدأ من ذاتها وانداح ليشمل كل ألوان الطيف الثقافي، وفي توأمتها الفنية مع زوجها التشكيلي الراحل إسماعيل شموط صنعت نموذجاً وجودياً وإنسانياً لكينونتين تكاملتا في عمل فني خلاق.
• إلى أي مدى للفن حضور نضالي في تجربتك التشكيلية؟
للفن التشكيلي رأي وحضور ودور، ولا بد له من التفاعل مع ما يجري من أحداث حوله، وأن يكون التزامه بها نابعاً من وعيه بحاضره ومستقبله، وقد آليتُ أن نلتزم في التعبير عن قضيتنا، التي هي قضية المنطقة بأكملها.
• ما علاقة الفن النضالي بالجمالي في إنجازاتك؟
أي عمل فني لا يحمل صفة الجمال تبتعد عنه صفة الفن، وهو مرفوض، لأن للفن التشكيلي لغة، ولغته عالمية، وله أبجدية، وأبجديته تُقرأ عالمياً. لذا فإن الجمال الفني النضالي يجب أن تكون لغته الفنية محددة ومتينة البنيان، حتى يقرأها المتلقي ويشعر بها ويعيشها، فهذا هو الجمال النضالي في حد ذاته.
رموز ولغة
• كيف تتعاملين مع الرمز في جدليته بين الخفاء والظهور؟
أعتني بالرمز عندما أشعر بأنه يُلبي فكرة ما. فمثلاً اخترت الحصان العربي كي أعبّر فيه عن مكنونات شعبنا الأصيل، وذلك لـمَـا يتميز به الحصان من العنفوان والشموخ والإباء، ولأخلاقياته هذه فهو أغلى الأحصنة في العالم، وفوق هذا حسبه ونسبه اللذان أعتبرهما اليوم الرمز بالنسبة إليّ. علماً بأنه ليست لديّ رموز في الخفاء إلا ما ندر، وتتمثل الرموز الظاهرة لديّ في البرتقال اليافاوي، وشجرة الزيتون المباركة والخالدة ورمز البحر الخلد.
• كيف تطورت لغتك البصرية التشكيلية؟ وما محطاتها؟
من خلال المدارس الفنية الحديثة ومناقشتها المستمرة، لكن لما لقضيتنا حضور آخر، فلنا رأي ودور في التعبير عمّا يجري حولنا. وهنا يطرح الفن نفسه فيتطور، وللأحداث المتلاحقة في كل مرحلة زمنية خصوصياتها، ونحن نلهث وراء تقديم الأفضل. لذا عملت جاهدة على تطوير أعمالي الفنية بلغة فنية عربية، أي أنني عملت على تعريب اللوحة العربية بأن يبقى الموضوع (إقليمي)، وأعتقد أنني نجحت بذلك إلى حد ما.
ثنائي مبدع
• كيف تصفين لنا علاقتك بزوجك الراحل؟ وما تأثيرها في إبداعكما الفني؟
التقينا في القاهرة كأول فلسطينيّيْن يدرسان الفن التشكيلي، كنت القادمة من بيروت بمنحة دراسية، وإسماعيل القادم من قطاع غزة، وأقمنا معاً أول معرض لنا في القاهرة باسم (اللاجئ الفلسطيني)، والذي افتتحه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. فكان النجاح باهراً. وعندما قرر إسماعيل السفر إلى روما لإكمال دراسته، سألني الرأي قائلاً: (ما رأيك في أن نكون جناحين لطائر اسمه فلسطين، نُحلق به فوق العالم ونحكي قضيتنا حتى يصدّقونا). هذا السؤال كان سنة 1954، وتحقق هذا سنة 1959، وابتدأنا بالتحليق في معظم العالم، ولا نزال معاً حتى بعد رحيله».
• كيف كان تفاعل الجمهور مع القضية الفلسطينية عبر نشاطك الفني؟
في معرضنا الأول بالقاهرة، كنت أرى الرجال يضعون أيديهم على وجوههم، أو يُديرون وجوههم للحائط حتى يبكوا، لأنهم يُشاهدون أنفسهم، لصدق المحتوى. إن أسْمَى الأهداف هي تلك التي تتخذ الإنسان محوراً لها، فنعمل لرفع الظلم عنه ونحاول تجميل الحياة من حوله، ونفتح آفاق الآمال أمامه.
في سطور
• ولدت في يافا عام 1935.
• أول فلسطينية تتخرج في أكاديميات الفن التشكيلي.
• درست في «المعهد العالي للفنون الجميلة والتربية الفنية» في القاهرة.