في قديم الزمان، كانت السماء أول سينما يشهدها الإنسان، ومع مرور الزمن صنع الإنسان سماءه الخاصة التي يمكنه لمسها، ورسم خيالاته على جدرانها، ثم اكتشف النار فصنع بالظلال أفلامه، ثم عرف التكنولوجيا فجعل من نفسه مادةً لفيلمه. ومع تنوع أشكال السينما المفتوحة في دولة الإمارات، نستعرض بداياتها، كونها كانت مصدر الترفيه الوحيد.
الطماشة
يذكر ناصر العبودي في كتابه (الدراسات في آثار وتراث دولة الإمارات العربية المتحدة)، بداياته مع السينما في إمارة الشارقة، حيث كانوا يسمونها حينها «طماشة» إذ إن لفظ «سينما» أجنبي غير مُتعارف عليه. كان الناس يفترشون الرمل بطريقة عشوائية، ويذهبون إلى العرض السينمائي بملابس جديدة، كأنهم ذاهبين إلى احتفال بالعيد، قاطعين من أجله الدروب المظلمة، إلى ساحة الاحتفالات المعروفة أمام الحصن القديم في منطقة «الرولة». ويشير العبودي في دراسته، إلى أن أول عرض للسينما كان عام 1939، في زمن الشيخ سلطان صقر القاسمي (طيّب الله ثراه)، وكان في الرولة وأمام الحصن، ويتم العرض بواسطة آلة مُثبتة على سيارة «لاندروفر»، والفيلم إنجليزي من النوع الصامت.
سينما الإنجليز
بعد سينما الحصن بسنوات، احتضنت محطة «القاعدة البريطانية في الشارقة»، والتي كانت المشغل لسينما الرولة، أول دار عرض سينمائية في الإمارات والخليج، تحديداً عام 1945، وسُمّيت «سينما المحطة» نسبة إلى مشغلها، وكان هدفها الترفيه عن الطيارين في القاعة وأسرهم والعاملين، من خلال عرض الأفلام الحديثة في الهواء الطلق. بعدها فتحت قاعدة القوة الجوية الملكية، أبواب السينما لأهالي المنطقة ليشاهدوا الأفلام بأسعار رمزية، وذلك عبر إنشاء سينما حديثة عام 1949.
سينما هارون
في ستينات القرن الماضي، في الشارقة كذلك، ظهرت سينما جديدة غير مسقوفة تسمّى بـ«سينما هارون» في آخر شارع العروبة. وبدءاً من الساعة التاسعة مساءً، وتحت رحمة ظروف الجوّ غير المتوقعة، التي كان الناس يحتمون من مفاجآتها بالكراتين والأوراق المقوّاة، كان حضورها عاماً إلا يوم الاثنين من كل أسبوع، حيث كان يوماً مخصصاً للنساء، وكانت تعرض أفلاماً هندية فقط. اسم السينما يرجع إلى الرجل الباكستاني الذي تبنّى فكرتها وأسسها، وقد تم شراؤها فيما بعد من قبل عائلة الملا، واستمرت عروضها حتى أواخر الستينات، ثم أنشئت أخرى حديثة تحمل الاسم نفسه.
مدينة بدر
من تجارب سينما السيارات، إضافة إلى سينما «ريكس»، سينما السيارات في مدينة بدر، التي تقع إلى جانب حديقة مشرف في دبي. كانت تحوي شاشات ومكبرات صوت توضع في القرب من نوافذ السيارات، وكذلك أنابيب للتكييف. كما أن أكثر مرتاديها من الجالية الهندية. وكانت توفر خدمات متنوعة، مثل كافتيريا الوجبات الخفيفة، وكراسٍ للذين لا يودّون المشاهدة في سياراتهم.
سينما عقيل
عام 2014، وبمقاعد لا تتعدى الـ40 مقعداً، بدأت بثينة كاظم أولى خطوات «سينما عقيل». الفكرة التي نبعت من حب بثينة للأفلام وتعلقها بهم منذ طفولتها. فكانت «سينما عقيل» سينما متنقلة، تُتيح للجمهور مشاهدة أفلامها في الهواء الطلق، ويتم اختيار الأفلام بعناية، حيث تبتعد عن الأفلام التجارية، وتعرض أفلاماً قد تكون لم تعد تُعرض في صالات العرض السينمائية.
سينما القطارة
من أجل تقديم شكل من أشكال المشاهدة الجماعية المختلفة لجمهور مدينة العين، عبر منصة من منصات دائرة الثقافة والسياحة المتمثلة بمركز القطارة للفنون، جاءت فكرة «سينما القطارة»، والتي تتم عروضها في المساحة التاريخية الواقعة قرب المركز. بدأت السينما عروضها عام 2017، بأفلام منتقاة من الإنتاج السينمائي المحلي، بين أفلام روائية طويلة وأخرى قصيرة، على شاشة عرض كبيرة وبتقنية صوت دقيقة وفي أجواء شتائية باردة حيناً ولطيفة أحياناً أخرى، وبحضور جماهيري كبير.