يقولون في الأمثال: «البنت لأمها»، فقد أثبت العلماء والخبراء أن التشابه بين الأم والابنة لا يقف على الشكل أو الطباع، بل يمتد ليشمل الحالة النفسية والرؤية الحياتية للأم أيضاً، وهذا ما تؤكده الأم النجمة السورية وفاء موصللي وابنتها نايا الأندلس جلعوط في حوار الفن والأسرة والزواج والخطط المستقبلية.
• وفاء، بعد مشوار فني حافل بالعطاء والنجاح والتكريم والمعاناة.. هل تنصحين ابنتك بخوض مجال التمثيل؟
ابنتي نايا تمتلك الموهبة، وعندما كانت صغيرة شاركتني في أعمال عدة، مثل مسلسلات: (قانون ولكن، آخر أيام التوت، رقصة الحبارى، وبقعة ضوء)، كما احتجتها ذات مرة كي تقدم مشهد بنت ممسوسة في مسلسل (الرابوص) عجز عن أدائه الكثير من الفنانين، وكان المشهد عبارة عن مريضة يسكنها جني، وعليّ كطبيبة إخراجه منها، ويحتاج هذا إلى تكنيك وحالة نفسية خاصة، فاتصلت بنايا وطلبتها، وبعد موافقتها قدمته ببراعة.
• سمعنا من يقول: (وفاء تحتكر ابنتها ولا تسمح لها بأن تمثل إلا معها).. ما ردّك؟
وفاء: لا أحتكرها، وهي عندما مثلت كانت أصغر سناً وكان لديها متسع من الوقت للتمثيل. لكن بعد ذلك رفضت عملها في الفن حتى تنهي دراستها الجامعية، فالدراسة بالنسبة إليّ خط أحمر، وهذه السنة بعد تخرجها في الجامعة لتفعل ما تشاء.
نايا: أنا في آخر فصل لي بالجامعة، وسأتخرج في مجال الهندسة المعمارية، التي كانت دراستي لها عن سابق تخطيط تبعاً لأنها «أم الفنون»، والنجاح فيها قائم على التصميم والإبداع الذي لا تختلف أسسه من مجال فني لآخر، مما يسمح لي بالانطلاق من محور التصميم المعماري إلى التصميم في مجالات عدة أخرى تستهويني كالأزياء والديكور، وأنوي دراسة ذلك أكاديمياً في دبي بعد التخرج مباشرةً. أما على الصعيد الفني، فسأدرس ما يقدم لي من عروض في مجال التمثيل، خاصة لرمضان 2020 ، كذلك في مجالي الإعلانات والتقديم، خاصة أني عملت سابقاً editor and presenter في برنامج صباحي ناطق بالإنجليزية على «قناة الشرق الأوسط». أيضاً ضمن مخططاتي العودة لهواياتي في الغناء والعزف، اللذين تلقيت في صغري تعليماً أكاديمياً فيهما مدة خمس سنوات، والعمل على إنتاج أعمال موسيقية.
اتجاه للغناء
• نايا، ذكرت أن من مخططاتك العودة للغناء، فكيف بدأت تجربتك الغنائية ومن أشاد بصوتك؟
كل من في عائلتي من دون استثناء حظي بالصوت الجميل والأذن الموسيقية. وأنا أسمع منذ صغري جميع الأغاني الفيروزية والتراثية والكلاسيكية، وحتى أغاني ما قبل النوم بأصوات ذات خامات خاصة لدى أقاربي من خالات وأخوال، بالتالي انطلاقتي الغنائية بدأت أمام العائلة، بعدها صقلت والدتي موهبتي، عندما وجهتني لتعلم الموسيقى والعزف على الجيتار أكاديمياً لمدة خمس سنوات في معهد للموسيقى بدمشق، وانتسبت إلى الكورال للغناء الجماعي في تلك الفترة، وقدمنا حينها حفلات عدة على أهم مسارح دار الأوبرا في دمشق وفي المرحلة الثانوية انتسبت لفرقة روك وكنت العازفة الرسمية والمغنية في الفرقة وتلقيت دروساً في الغناء الأوبرالي لتطوير قدراتي الصوتية، ولديّ مخططات غنائية قريباً.
• هل سيكون غناؤك على طريقة إليسا ونانسي عجرم وميريام فارس مثلاً، أم على نهج ماجدة الرومي وجوليا بطرس؟
كل ما ذكرته له خصوصية في قلبي، وبصراحة «كل ما بسمع موسيقى أكثر.. كل ما بيصعب عليّ تحديد النوع الغنائي المفضل لي»، فأنا أجد أن لكل نوع الوقت الذي يناسب حالتي، كما لا أرى تشابهاً بين نانسي وإليسا وميريام، أو بين ماجدة وجوليا، وأرى خصوصية لكل نجمة ممن ذكرت، وأحبهن جميعاً. وأحب تأكيد أن صوتي باللغات الأجنبية أنجح من أدائي بالعربي، وحتى إن غنيت بالعربي مستقبلاً، سيكون أقرب للون الروك أو الجاز العربي، وشيء أقرب للفنانتين هبة طوجي ورشا رزق.
• من نجمات الغناء السوري حالياً؟ ومن في رأيك مطربة سوريا الأولى ميادة الحناوي أم أصالة نصري؟
لدينا في سوريا حالياً رشا رزق، لينا شماميان، ميادة بسيليس، فايا يونان، وهناك فرق جميلة جداً مثل: (كلنا سوا، إطار شمع، انس اند فرندز، تكات، وشلبية)، لكن في نظري مطربة سوريا الأولى حالياً هي رشا رزق والتي تعد من أهم الأصوات في العالم العربي.
الـ«سوشيال ميديا»
• وفاء ونايا، من جيلين مختلفين، هل مع التطور الذي تشهده الحياة واقتحام الـ«سوشيال ميديا» عالمنا تريان أن هناك توافقاً فكرياً بينكما؟
وفاء: كان هناك اختلاف في الآراء والنظرة للأمور بعض الشيء، لكن مع التطور الحاصل والتغيرات التي أحدثتها وسائل التواصل، باتت هناك جسور أكثر للنقاش والتفاهم بيننا لعل أبرزها أني كنت في البداية رافضة موضوع الـ«سوشيال ميديا» لكن نايا استطاعت إقناعي بها.
نايا: هذا الإقناع لم يأتِ صدفة خاصة أن والدتي سيدة أصيلة متمسكة بالعادات والتقاليد، وترفض التنازلات وربتني على مبادئ وأسس، لذلك إقناعي لها بأهمية الـ«سوشيال ميديا»، اعتمد على تحويل هذه التقنية من مجرد مضيعة للوقت ومراقبة الناس في حياتهم وماذا أكلوا وأين سافروا وسهروا، وماذا لبسوا، إلى أداة للتعبير والتأثير وطرح الأفكار والمشاركة.
وفاء : استخدمنا الـ«سوشيال ميديا» لتسليط الضوء على الأشياء التي نقوم بها ولا ندركها. مثلاً، تصوروا أن صفحة جبران خليل جبران بها قرابة 250 مشتركاً، بينما صفحة لفنانة أو «فاشنيستا» ما، يتابعها الملايين، لذا أردنا من خلال حساباتنا طرح أفكار جبران خليل بشكل مبسط لما في ذلك من فائدة للناس.
* متى تتبادلان الأدوار.. أي تتولى نايا مهام الأم، وتصبح وفاء هي الابنة؟
وفاء: أنا لست كما يعتقد البعض أني صارمة ومتسلطة، لذلك أتعامل مع ابنتي بديموقراطية. (تضحك مضيفة): أتبادل الأدوار مع نايا وأصبح ابنتها عندما أبدأ أجهز نفسي لمقابلة تلفزيونية أو لسهرة ما، عندها تصبح نايا هي الأم المسؤولة عن ملابسي وإطلالتي.
نايا: منذ أن كنت صغيرة لم تقل لي أمي «لا» على شيء، إلا وسمحت لي بعد ذلك بأن أبدي اعتراضي ونتناقش في تداعيات الأمر. باختصار، نحن الاثنتين متممتان لبعض.
زواج وطلاق
* وفاء، كيف ستكون حالك إذا تزوجت ابنتك نايا، لا سيما أنك متعلقة بها كثيراً؟
هذه سنّة الكون. عموماً، أذكر أني حضرت أعراساً عدة لبنات زملاء لي كان آخرها زواج ابنة زميلنا الفنان عباس النوري، وفي كل عرس كنت أبكي بشدة من دون أن أعرف لماذا؟ .. هل خوفاً أم فرحاً في أن أرى نايا عروساً.
• نايا، هل طلاق والدتك يخيفك من مسألة الزواج؟
في رأيي، الإنسان يجب أن يمر بتجارب عديدة على الصعيدين الحياتي والشخصي كي يستطيع اكتشاف ذاته، ويعرف ماذا يحب ويكره وماذا يحتاج، ليكون إنساناً مستقلاً على الأصعدة كافة، وحينها يصبح جاهزاً لإضافة شخص آخر إلى حياته يختاره بشكل موضوعي، وعندها لا يفشل الزواج بل يصبح مؤسسة ناجحة. ومهم جداً أن يعلم الإنسان أن اختياره الشريك الهدف منه مشاركته حياته وليس لإكمال ما ينقصه أو تعبئة الفراغ الذي لديه. وفي رأيي، أمي في زواجها الأول كان خيارها خاطئاً، فهي لم تكن ناضجة كفاية وقت وافقت على الزواج من الفنان جمال سليمان فحصل الطلاق.
• وكيف تقيمين الزواج الثاني لوالدتك والذي كنتِ ثمرته؟
على عكس تجربتها الأولى، جاءت قصة حبها وزواجها من أبي رائعة، لكن كانت نهايتها بائسة لي ولها بسبب رحيله، فخبر وفاة ورحيل هذا الرجل عن حياتنا كان صاعقاً لنا نحن الاثنتين، ولا أخفيكم أن أمي حينها دمرت بشكل كامل، وأذكر أنها كانت مرتبطة بتصوير مسلسل كوميدي، وكانت تنتهي من تصوير مشاهدها وتتوجه بعدها تبكي وتتلقى العزاء، وهذا الرحيل كسرها و«انضربت» الغدة الدرقية وتراجعت صحياً.
• كنت صغيرة حينها، فكيف أدركت ذلك الحب بين والديك؟
الأطفال يشعرون بكل شيء، وأمي كانت ولا تزال تحكي لي أن حبها لأبي سامر جلعوط طبيب الأمراض النسائية كان يكبر مع الوقت، لأن وقوده الاحترام المتبادل ودعم الطرف للآخر، وحواراتهما وتعايشهما الفكري جعلت من أبي فناناً، ومن أمي نصف دكتورة، وذلك بسبب تأثرهما ببعض.
• أخيراً، من ستسبق الثانية بينكما للزواج؟
نايا: لو فكرت أمي أن تتزوج من جديد «بيطير عقلي»، وحينها يخف الضغط والمتابعة عليّ وعلى تحركاتي (تضحك).
وفاء: بصراحة، نايا «عم تنق» عليّ أن أتزوج، لكني ألغيت الفكرة من عقلي.
الدراما السورية
وصفت وفاء موصللي الدراما السورية هذا العام التي في رمضان بالمتراجعة، وأثنت على الكثير من الأعمال السورية ومنها: «الحرملك» الذي شاركت فيه، ومسلسلا «مسافة أمان» و«صانع الأحلام» اللذان عرضا على قناة أبوظبي، وكذلك «ترجمان الأشواق» و«سلاسل دهب». وكشفت وفاء أنها تقرأ حاليا نصوصاً جديدة، كما تفكر في تأسيس مشروع خاص هو «استوديو دوبلاج».
نصيحة الأم لابنتها
كأي أم تفرح بزواج ابنتها وتقدم لها النصيحة قبل ذلك، تقول وفاء لنايا: «سر الزواج الناجح هو أن يظل كلا الشريكين يشتغلان على حالهما ويطورا نفسيهما، وحينها سيظل كل طرف غارقاً في حب النسخ الجديدة من شريكه ويشعر بأهميته، وهذا الأمر بدوره يحفز الطرفين على التطور». وهنا تضيف نايا إلى كلام والدتها: «وقتها لن يكون هناك مجال للمشاكل، وأنا لست خائفة من موضوع الزواج، بل أحلم بتكوين أسرة جميلة تعوضني عن عدم قدرتي أن أفرح بانتمائي لأسرة صغيرة بعد وفاة والدي».