يولدُ آلاف الأطفال سنوياً، في العالم، بضعفٍ شديد في المناعة، وكثير من هؤلاء الأطفال يموتون قبل أن يتمّ تشخيص إصاباتهم وبدء العلاج. فماذا عن طبيعة هذا النوع من ضعف المناعة؟ كيف يمكن تشخيصه قبل فوات الأوان؟ وهل هناك عائلات معرضة أكثر من سواها؟
دولٌ كثيرة ألزمت إجراء فحص «نقص المناعة الأولي» للأطفال حديثي الولادة، لأنه كلما أتى اكتشافه مبكراً كانت فرصة الشفاء أكبر.
تتفاوت نسبة الأطفال المصابين بهذا المرض حول العالم، ففي لبنان مثلاً يولدُ 60 إلى 65 طفلاً مصاباً بضعفٍ شديد في المناعة سنوياً في لبنان، وهناك أكثر من 1200 طفل في الولايات المتحدة الأميركية، يعانون نقص المناعة الأولي. وخلصت دراسة في المملكة العربية السعودية إلى أن نسبة انتشار إصابة الأطفال السعوديين حديثي الولادة بمرض «نقص المناعة الوراثي»، هو ضعف نسبة انتشاره في الولايات المتحدة الأميركية. وغياب الوعي بالمرض، يؤدي إلى ارتفاع عدد من لا تُشخّص حالاتهم إلى 90 %، حيث يعالج هؤلاء على أنهم يعانون الإنفلونزا مما يؤدي إلى تفاقم إصاباتهم ووفاتهم.
زواج الأقارب
لا أرقام دقيقة حول عدد المصابين بالمرض في الشرق الأوسط، غير أن الثابت فيها أن معدل الإصابات يزيد بمعدل يتراوح بين خمس و10 مرات، بسبب زواج الأقارب.
ويوضح مدير مركز البحوث حول الأمراض المعدية في لبنان، الدكتور غسان دبيبو: «يفتقر بعض الأطفال، منذ الولادة، إلى بعض الدفاعات المناعية للجسم مما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالجراثيم التي تسبب أشكالاً من العدوى، يُصار إلى اكتشاف بعضها أثناء نمو الطفل». فكيف يُمكن لأم اكتشاف أن الزكام الذي يعانيه طفلها ليس ناتجاً عن رشح أو إنفلونزا عاديين؟
تعتبر القابلية المتزايدة للعدوى علامة أساسية من العلامات الأكثر شيوعاً للإصابة بنقص المناعة الأولي.
إشارات أخرى
هل يعاني طفلك التهابات رئوية متكررة أو التهاب متكرر في الجيوب الأنفية وأغشية مخاطية في العينين والفم والمنطقة التناسلية أو عدوى الأذن والتهاب السحايا وفقر الدم أو مشكلات في الجهاز الهضمي مثل الغثيان والإسهال أو فقدان الشهية أو نمو بطيء أو اضطرابات المناعة الذاتية مثل الذئبة أو السكري من النوع الأول أو التهاب في المفاصل أو حتى تضخم في الكبد؟ لا تستبعدي إذاً وجود «نقص المناعة الأولي» وأنت تبحثين عن الأسباب، لأن هذه الإشارات كلها بمثابة إشارات تحذيرية أولية. وأمراض نقص المناعة الأولي لا تنتقل بالعدوى. هي وراثية. لكن الطفل المصاب بها يكون أكثر عرضة للإصابة بعدوى الأمراض المختلفة.
علاج جذري
نصل إلى السؤال الأهم: هل هناك علاج جذري؟ هل يشفى المصاب؟ إذ تستخدم في الحالات الشديدة زراعة الخلايا الجذعية من متبرع لديه أنسجة تتطابق بشدة بيولوجياً مع أنسجة المريض، وهو يكون عادة أحد الوالدين أو الإخوة والأخوات أو من الأقارب، مما يساعد على بناء نظام مناعي فعال. أما في الحالات الأقل شدة فتستخدم في العلاج المضادات الحيوية وأدوية أخرى لمنع أنواع معينة من العدوى.