طالعتنا مواقع التواصل بخبر انتحار أحد المراهقين على الهواء مباشرة، الذي قرر بث طريقة موته قاصداً معاقبة والده، لأنه كان قاسياً عليه ويعنفه باستمرار.
السؤال: كيف لمراهق أن يفكر ويخطط وينفذ تلك العملية أمام جميع متابعيه وأصدقائه؟ ما الذي يمكن أن يدفعه للقيام بالتخلص من حياته جسدياً ونفسياً؟ وكيف له أن يضع هذا السيناريو ليصنع منه فيلماً قصيراً لكل العالم؟
والسؤال الأهم: أين الأسرة؟ وأين الوالدان؟ وأين المعلم؟ وأين الأخصائي النفسي في المدرسة؟
اضطرابات
هنا ليس الوقت المناسب للحديث عن أدوار الأسرة والمدرسة، فهذا موضوع يحتاج إلى مجلدات وكتب ومراجع يخطّ فيها أهمية الأسرة والمدرسة في الوقاية من اللجوء إلى الانتحار أياً كانت الأسباب، وأهميتهم لعلاج المشاكل التي قد تؤدي بالشخص إلى التفكير في الانتحار. وهنا لا نريد الحديث عن أن الانتحار يعتبر أحد الأعراض الملازمة لبعض الاضطرابات النفسية، وبالتالي دائماً ما يحذر الطبيب والأخصائي النفسي من ترك المريض من دون رقابة وتوجيه.
علامات
قد لا يهم الحديث هنا عن دور الإعلام وبرامج التواصل الاجتماعي، وشركات صناعة الأفلام وكيفية تعزيز الانتحار من خلال طريقة عرض مشكلة الانتحار، وكيفية تعزيز نظرية حرية الاختيار في وضع النهاية بشكل مباشر وغير مباشر، وحتى في إخراج طرق ووسائل الانتحار المثيرة. وهنا سنطرح ونتعرف إلى بعض العلامات المبكرة التي قد تظهر على الشخص «المراهق» الذي قد يفكر في الانتحار، وسيساعد ذلك على منعه مما قد يُقدم عليه، وهنا الرسالة موجهة إلى الوالدين تحديداً:
* الاكتشاف المبكر لأعراض الاكتئاب، وواجب زيارة الطبيب النفسي لعلاج هذا الاضطراب، وكذلك من المهم اكتشاف القلق وأعراضه والخوف المرضي.
* اكتشاف إذا ما كان المراهق يقضي أوقاته وحيداً في معظم الأحيان وبشكل انعزالي.
* مراقبة علاقته بذاته وجسده وإذا كان يخفي الحزن بداخله، وذلك من خلال بعض العبارات التي يرددها، مثل: «لا أحد يحبني في هذا البيت»، «أنا كرهت الحياة معكم»، «أنا لست مرتاحاً في العيش معكم»، وللأسف معظم الأهالي لا يعيرون تلك العبارات أي اهتمام، بل قد يعزونها بردود سلبية مثل «هذا الموجود» أو «احمد الله على ما أنت فيه»، وغيره من العبارات السلبية المستفزة له.
سلوكيات
هناك عدد من الأبناء المراهقين ناقمون على الآخرين كالأصدقاء أو أحد أفراد العائلة، أو على الأوضاع، حيث لا يشعرون بالإنصاف ويُسقطون ذلك على أجسادهم، قد يحاول أن يؤلم نفسه وذاته، ويعاقبها من خلال التجريح الجسدي، وتعاطي المخدرات أو تناول الكحول، أو تقطيع جسده بآلة حادة حيث إنه يشعر بالبأس وقلة الحيلة والحزن. ويجب على الوالدين ألا يتغافلا عن أي تعليق أو إيماءة تصدر من المراهق، بل ملاحظة سلوكياته للكشف عما بداخله ومخططاته، ومراقبة البرامج أو الأفلام أو الألعاب الإلكترونية التي يمارسها.
مشاعر
لا أحد يسعى إلى الموت، إلا أن يكون قد وصل إلى مرحلة متقدمة من المشاعر المؤلمة والتي لا يستطيع أن يتعامل معها، والمشكلة أنه لا يجد من يساعده ويرشده للطريق الأفضل في التعامل مع تلك المشاعر، وإذا نظرنا إلى عدد المنتحرين أو محاولي الانتحار، فمعظمهم يعانون درجة عالية من أعراض الاكتئاب، لذا فإن وجود الأخصائي النفسي المدرسي المهني مهم جداً في المدارس، لأهمية دوره وبالذات في التدخل السريع لمشكلات الطلبة من خلال اكتشاف الأسباب، والقيام بالبرامج والجلسات لحلها من خلال الجلسات الفردية والجماعية، وللتنسيق بين الطالب وأسرته وحل الإشكالات التي قد تؤدي إلى حزن المراهق من دون وعي ودراية بالواقع المؤلم.
استشارة
* أعاني الخوف بشكل عام ومن المرض والحديث أمام الآخرين، كيف أتخلص من ذلك؟
- الخوف عبارة عن مشاعر سلبية تتولد من فكرة، مسألة الخوف ليست في نوع الخوف، بل في الفكرة التي تولد تلك المشاعر، فمن المهم التعامل مع الفكرة، ولكن بداية يجب أن تتأكد من تكرار نوبات الخوف في اليوم، وعليه يجب أن تراجع الأخصائي النفسي لحل المشكلة بطريقة مهنية، أما إذا كان الأمر بسيطاً، فتقنيات الاسترخاء يمكن أن تساعد على تخفيف درجة الخوف. وفي كلتا الحالتين أنصحك بمراجعة أخصائي نفسي.