قليلة هي تلك الجزر البريئة، التي لم تعبث بها اليد البشرية وتلوثها برمي القمامة عند الشواطئ، أو بإزعاج رائحة محركات السيارات وصخبها، ومنها «جزر سيشيل» التي تستقبل باستمرار عدداً هائلاً من السياح، وهي النقية بشواطئها، والصافية بأجوائها الطبيعية الساكنة، على الرغم من جوها المتقلب صيفاً، غير أنها لا تزال الوجهة المفضلة للكثيرين، وخاصة من عشاق الرومانسية والهدوء.
تقع جزر سيشيل أو بالأصح «جمهورية» سيشيل في المحيط الهندي، وتتكون من مجموعة 115 جزيرة تتوزع جميعها على بعد 1800 كلم من السواحل الأفريقية شرقاً، ويقول المؤرخون إن تاريخ اكتشاف الجزر يعود لعام 1502م من قبل «فاسكو دي جاما»، لكن اكتشافها الحقيقي يعود للقرن الـ15، حين كانت ملجأً للبحارة وتجار العبيد والقراصنة، تمّ احتلالها من قبل الفرنسيين في عام 1742 على يد القائد «لازار بيكول»، الذي عمّرها وأطلق عليها اسم «ماهي» تكريماً وتشريفاً للجندي «بيرتران فرونسوا ماهي دولابوردوني»، الذي أصبح حاكماً لجزيرة فرنسية أخرى وهي جزيرة «موريشيوس» في الفترة الممتدة ما بين عامي 1735 و1746. استعمرها البريطانيون لفترة طويلة، حتى استقلالها عام 1970، لتؤسس جمهوريتها وتصبح عضواً في الكومنولث.
شواطئ رائعة الجمال
يقال عن جزر سيشيل، جنة المحيط الهندي، تحيط بها شواطئ رائعة الجمال، وخلجان متنوعة، غنية بالشعب المرجانية المدهشة، والغابات الاستوائية، تضم جبالاً شاهقة تكسوها خضرة زاهرة، وجداول مياه كريستالية، وشلالات تركوازية تتدفق من مغارات جبلية تروي الأرض السيشيلية بمائها العذب والرقراق، وقد وصفت شواطئها بأجمل الصفات، فرمالها البيضاء الناعمة والنظيفة جداً تجعلك تكذب بحقيقة وجودها، كما تحتل الصخور المترامية على جبالها نصيب الأسد من حيث متعة السياحة، وقد تكونت من بقايا جبال الجرانيت التي كانت موجودة في قارة «جندوانا لاند»، التي يقول عنها علماء الجيولوجيا إنها كانت تربط آسيا بأفريقيا قبل انفصالهما عن بعضهما منذ ملايين السنين، الأمر الذي جعلها تبدو في شكل تماثيل طبيعية متناثرة على الشواطئ الساحرة زادتها جمالاً وسحراً.
الدخل القومي
يعتمد أهالي جزر سيشيل في تجارتها ودخلها القومي على السياحة بشكل كبير، ويهتمون بقطاع الصيد وزراعة جوز الهند، والفانيليا، وجوز الطيب الذي يعتبر من المنتجات الأساسية في هذه الجزر.
تعتبر جزيرة «ماهي»، من أهمّ وأبرز وأجمل جزر سيشيل وأكبرها مساحة، حوالي 144 كيلومتراً مربعاً، تتبعها جزيرة «براسلين»، وتعدّ المركز التجاري والسياسي للبلد، أما عاصمتها «فيكتوريا» فتضمّ كثافة سكانية معتبرة تقدر بـ30 ألف نسمة، وهي المقر الرئيسي لحكومة الدولة واقتصادها، ويوجد فيها المطار الوحيد الذي يستقبل الطيران الخارجي، ويقصدها سكان الجزر الـ16 لقضاء حاجاتهم اليومية، يعمل أغلبيتهم في الأنشطة السياحية، أكثر ما يميزها شوارعها التي تتقاطع في إشارة سير واحدة تعتبر معلماً سياحياً لافتاً، يتوافد إليه السياح لالتقاط الصور، يوجد بالقرب منها مجسم صغير لساعة «بيج بين» البريطانية الشهيرة، ما يدلّ على التأثير الكبير الذي تركه البريطانيون فيها، لكنه ليس بحجم الأثر الفرنسي، حيث الأغلبية يتحدثون باللغة الفرنسية بشكل مطلق. هذا وتضم فيكتوريا مجموعة معتبرة من المسارح وصالات الحفلات والرقص التي توفر لزوارها من السياح حفلات شواء رائعة، يتخللها رقص فلكلوري يعرف باسم «السيجا»، وعروض مسرحية تستمرّ حتى ساعات متأخرة من الليل.
يتميز سكان سيشيل بسمرة بشراتهم الشديدة، ينتمون إلى عرقيات مختلفة، أفريقية، هندية، أوروبية وحتى صينية، جميعهم يتحدثون باللغة المحلية «السيرول» التي تتداولها نسبة 95% منهم في حياتهم اليومية لأنها تعد أولاً وقبل كلّ شيء جزءاً لا يتجزأ من تاريخ وثقافة سكان سيشيل الشعبية، وهي اللغة الرئيسية لديهم، وتليها اللغتان الفرنسية والإنجليزية.
السلاحف العملاقة
تضمّ سيشيل عدداً كبيراً من السلاحف العملاقة في الجزيرة، يصل إلى 150 ألف سلحفاة هي رمز البلد، وجزء لا يتجزأ من تاريخ وطبيعة الجزر، ويقال إنها السبب في انعدام الجراثيم في جزر سيشيل العذراء، وتنتشر قرب شواطئ ماهي بشكل كبير، لا تفوتوا أخذ سيلفي إلى جانبها، فهي أليفة جداً، لكن احذروا أن تقتربوا منها عند وضع بيضها. وينظم في سيشيل العديد من الرحلات السياحية المميزة، ومن أبرزها القيام بجولة إلى جزيرة «موايين»، يمكنكم الوصول إليها عبر القوارب السريعة لأول وهلة، سترون أجمل ما صنع الخالق من جمال، تشطف المياه الكريستالية عن سراب مجموعات من الأسماك تمرّ من تحتك، متفاخرة بألوانها القزحية الرائعة، لا تنسوا أن تستمتعوا برؤية الشعب المرجانية، مما جعلها تعدّ محمية طبيعية لها ثروة سمكية مهمة، تذوقوا الموز، مذاقه يختلف كثيراً عن نكهة الموز العادي، ويسمى بالموز الاستوائي.
رياضات مائية
تعتبر ممارسة الرياضات المائية عنصراً رئيسياً لجذب فئة السياح إلى سيشيل، وأهمها رياضة «الغوص» في مناطق الشعب المرجانية، كما يسمح بصيد الأسماك في أماكن معينة من الجزر، ويتيح صفاء المياه فرصة نادرة الوجود لهواة الغوص والتصوير المائي (تحت المياه)، وأفضل موقع للتزلج الشراعي على المياه هو شاطئ «غراند سيتي» الواقع على الساحل الغربي لجزيرة ماهي، وينصح لهواة ممارسة هذه الرياضة التوجه إلى سيشيل في شهري «نوفمبر وأبريل» من كل عام، حيث تساعد الأمواج القوية في تحقيق نشوة السعادة لديهم. أما كأس سيشيل للإبحار فهو حدث دولي هام يستحق الحضور وتستمر فعالياته خلال شهر يناير، بينما يشهد مطلع نوفمبر مسابقة الصيد الدولية، وإضافة إلى ذلك هناك العديد من مسابقات الصيد المحلية الأخرى على مدار العام.
السياحة الفندقية
تضمّ جزر سيشيل سلسلة معتبرة من الفنادق الفخمة ذات الخدمات الراقية، نذكر من أبرزها فندق «الميريديان» المعروف بإطلالته الفرنسية الرومانسية التي ستبهركم حتماً، يتميز بطرازه العصري الحديث، بنيانه وموقعه الاستراتيجي الجذاب على بعد ثلاثة كيلومترات فقط من العاصمة فيكتوريا، يحيط به شاطئ «بوفالون» الرمليّ الساحر، ومن الخلف تجده محاطاً بسلسلة من أشجار جوز الهند، استمتعوا بوقت الغروب فيه، وانعكاسه الأفقي على مياه الشاطئ. ومن الفنادق السياحية المعروفة التي ينصح بزيارتها كذلك نجد فندق «هيلتون سيشيل نورتلوم» المتربع على أحد شواطئ جزيرة ماهي الخلابة، والذي ينتمي كذلك إلى فئة الخمس نجوم، وينفرد بإطلالة ساحرة استقطبت عدداً كبيراً من كبار المغنين في العالم، لتصوير أغانيهم فيه، مثل المغنية اللاتينية الشهيرة جنيفر لوبيز، وكريستينا أجيليرا، ومطرب البوب الشهير فيفتي سانت.
لا تفوتوا زيارة فندق «سانت آن ريزورت» ذي الخمس نجوم، الواقع على بعد أربعة كيلومترات من المطار، وأبرز ما يميزه غرفه ومطاعمه الواسعة المساحة، إذ يحتل مساحة تقدر بـ200 هكتار، وتم بناؤه بشكل يشبه إلى حدّ كبير المنتجعات السياحية، .