طرح سؤال العرق أم الثقافة في دول المغرب العربي، بين أن تكون أمازيغياً أو عربياً، والأمازيغية عرق والكل يدرك ذلك، ولكن ما الموقف مع صفة العربية؟
إن قيل إن العربية عرق فكيف سيكون الأمازيغي عربياً، وهذا سؤال جاءت عليه أجوبة واضحة من قيادات معنوية بارزة مثل الشيخ عبد الحميد بن باديس وبيته المشهور:
شعب الجزائر مسلم وإلى العروبة ينتسب
والشيخ ابن باديس أمازيغي عرقاً، وعربي ثقافة، ومثله محمد عابد الجابري الذي يشير إلى عرقه الأمازيغي وثقافته العربية، ومثلهما الباحث الجزائري عصام بن الشيخ ويقول في حوار له عن هذه القضية: «أنا أمازيغي عربني الإسلام... هذا ملخص فلسفتي»، ثم يزيد بالتأكيد بقوله: «الأمازيغ قاوموا الفتوحات الإسلامية، لكنهم شاهدوا العرب يمرون إلى الأندلس برسالة سماوية عالمية ففهموا أن الإسلام عربي... فأنا أمازيغي عربني الإسلام، كما قال الشيخ ابن باديس: شعب الجزائر مسلم وإلى العروبة ينتسب».
وحين يقول بمقولة «الإسلام عربني» لم يكن ذاك إحالة للعرق، ولكنها إحالة ثقافية كالتي أكدها الجابري عن الثقافة العربية التي لا تلغي الأمازيغية ولا تتناقض معها. وهذه معادلة ثقافية مفاهيمية عصرية يعززها المدلول الأصلي لكون العربية معنى أكبر من العرق وتنطوي على تعددية ثقافية وواقعية وتاريخية أيضاً، وقد ذكر ابن خلدون أن العرب أربعة أقسام هي:
أولاً - العرب العاربة.
ثانياً - العرب المستعربة.
ثالثاً - العرب التابعة للعرب.
رابعاً - العرب المستعجمة.
وهو تقسيم يبطل فكرة العرق الواحد، ويعزز نظرية المنابت المتعددة والمآلات المتنوعة.
وقبل ذلك هناك حديث نبوي يقول: «يا أيها الناس إن الرب واحد وإن الدين واحد، وليست العربية بأحدكم من أبٍ أو أمٍ ، فإنما هي اللسان، فمن تكلم العربية فهو عربي». ومع أن المحدثين يقولون إن الحديث موضوع إلا أنهم يؤكدون صحة معناه، وتصحيح المعنى والمضمون مجمع عليه لدى كل من شكك في سند الحديث.
يتأكد المعنى المفاهيمي للعربية بكونها لساناً، وبكونها لغة، مما يجعلها محتوى بشرياً لا يتناقض مع المكونات الأخرى ولا يحاصر عرقية أي فئة تنضوي تحت ثقافة اللسان العربي. فالإسلام يصبح معنى شاملاً واللغة معنى شاملاً، ومن انضوى تحتهما أو تحت أحدهما فقد تعربن، وهذا يصنع الهويات المتعددة والمتفاعلة إيجاباً.