فاطمة حسين صوت إذاعي ممزوج برائحة وعبق الماضي الأصيل، ووجه تلفزيوني ألفته الأسر الكويتية، انتقلت من الإذاعة إلى التلفزيون لتكون من نساء الكويت الرائدات في تغيير واقع المرأة الكويتية.
• ناهزت الـ80 ومازلت مفعمة بالحياة.. ما السر؟
ينبع ذلك من إيماني العميق بالعطاء، وأن كل يوم تشرق فيه الشمس لا بد أن يكون هناك جديد في حياتي، أحب العطاء وأنا امرأة لا تعرف البخل فطالما أنني أستطيع أن أعطي فلا يوجد ما يوقفني، فالعطاء يزيدني ولا ينقصني، فأنا من صغري مليئة بالطاقة وحبي وطموحي للعلم والتعلم ليس له حدود فأينما وجدت لا بد أن أثمر.
• هل تتذكرين أولى كتاباتك؟
كتاباتي الأولى كانت بطلب من والدي أن أكتب له نشرة الأخبار الإملائية التي كانت تبثها إذاعة لندن في الساعة الـ10 صباحاً، فلم يكن هناك في ذلك الوقت صحف وكانت بوابتنا للعالم من خلال المذياع، وكان أبي يطلب مني كتابة أغاني أم كلثوم، إذ كانت له ذائقة خاصة للشعر.
قصيدة جودت
أذكر من الطرائف التي لا تنسى أننا كنا في مصر وسمعت من خلال المذياع قصيدة للشاعر صالح جودت اسمها «في المعادي» ولم أستطع كتابة كلماتها بالكامل فأرسلت بكل سذاجة رسالة لإذاعة القاهرة موجهة للشاعر صالح جودت أطلب منه كلمات القصيدة، ووضعت اسمي وعنواننا في الكويت، ونسيت الموضوع وفوجئت بوالدي يطلبني ويسألني: هل تعرفين شخصاً اسمه صالح جودت؟ فحكيت له الحكاية وكان أبي شديداً جداً وله هيبة ويخافه الجميع، لكنني أجبته بكل شجاعه وصدق فتقبل الأمر ولم يكلمني، ولكني أذكر وقتها كل جسمي ابتل من التعرق من شدة خوفي من ردة فعله آنذاك.
• حياتك مليئة بالذكريات فمن أين تبدأينها؟
تعرفت إلى العالم من خلال الراديو، وكنا نضع الراديو على سطح المنزل حتى يستمع جيراننا معنا، كان الراديو يمثل لنا البهجة فكنا نستمع إلى حكايات ألف ليلة ليلة وقصص شهرزاد، كنا نستمع إلى إذاعة القاهرة وإذاعة الشرق الأوسط وإذاعة دمشق كانت هذه الإذاعات همزات الوصل بيننا وبين العالم. وكنت ضمن أول دفعة فتيات تتخرج في الثانوية العامة وتتوجه في بعثة لاستكمال الدراسة الجامعية في القاهرة ذهبنا بالعباية والبوشية، وبالرغم من شغفي الشديد للأدب كانت ميولي للهندسة والرياضيات لأن جميع إخوتي كانوا مهندسين، ولأن جامعة القاهرة في ذلك الوقت لم يكن فيها كلية للهندسة اقترحوا عليَّ دراسة القانون فذُهلت من العدد الكبير للطلاب، ثم قامت وقتها الحرب فتوقفنا عن الدراسة، وفي تلك الأثناء تطوعنا لمساعدة الجرحى في المستشفيات كنا ننتقل من سرير لآخر لكتابة رسائل لأهلهم، وفي تلك الأثناء تعرفت على المُثقفة التي أرشدتني للالتحاق بكلية الصحافة.
أجمل أيام حياتي
• عشت سنوات في مصر.. ماذا عن ذكرياتك هناك؟
مصر فتحت لي أبواب العلم والثقافة، قضيت فيها أربع سنوات من أجمل أيام حياتي، التحقت بمدرسة الألسن لدراسة اللغة الإنجليزية، ثم بعد ذلك درست الفرنسية ودرست الموسيقى، وذهبت للأوبرا وزرت المتاحف والمسارح، كان لدي شغف لتعلم كل شيء والذهاب لكل مكان والجميع كان يساعدني، حتى أنني تدربت على سلاح «الكلاشينكوف» وحصلت على رتبة «أمباشي» أنا وفضة الخالد. أرى نفسي مثل السمكة بمجرد وضعي في أي نوع من المياه أسبح، كنت لا أهدأ.
في نيويورك
• تخرجت وعدت إلى الكويت فماذا كانت المحطة التالية؟
قبل التخرج كنت أقضي الإجازات الصيفية في الكويت فعملت في مجموعة من البرامج الإذاعية التي جعلت البيوت الكويتية تتعرف عليَّ، وكنت أول صوت كويتي يتحدث باللهجة العامية، وبعد التخرج عدت إلى الكويت تزوجت ووجدت نفسي في نيويورك بعد خمسة أيام من زواجي، لأبدأ رحلة حياة جديدة تواكب طموحاتي ورغباتي عشت في كولومبيا أكثر من عامين، حيث كنت مرافقة لزوجي الذي كان يُحضِّر الماجستير، وكعادتي قدّمت العديد من المبادرات ودرست الفن والمسرح والموسيقى والمتاحف واللغة الفرنسية بشكل أعمق تعلمت الطبخ وتربية الأبناء، ذهبت إلى إذاعة صوت أميركا وصعدت إلى الطابق 88 وطلبت منهم تسجيل أسطوانة وبعد مفاوضات وافقوا، ذكريات جميلة وبصمات لا تنسى.
• وماذا عن عملك في وزارة الخارجية؟
عندما عدت إلى الكويت تم طلبي للعمل في وزارة الخارجية لأخاطب جميلة بوحريد حيث لم يكن هناك من يتحدث الإنجليزية والفرنسية، واستمررت في العمل في وزارة الخارجية حتى اكتشفت أن زملائي من الرجال يتقاضون راتباً أكبر، «دققت المسمار» وتركت المكان لوجود هذه التفرقة وذهبت للعمل في التلفزيون. لأصبح مثل الأيقونة في المجتمع الكويتي، فأي شيء تقوله فاطمة حسين كان مصدراً للثقة.
وسائل التواصل
عن علاقتها بوسائل التواصل الاجتماعي، تقول فاطمة حسين: لم تجذبني هذه الوسائل للدرجة التي أبحث عن تعلمها مازلت أعشق قراءة جرائدي وكتبي.
نصيحة
تنصح فاطمة حسين المرأة بأن تستمتع بثقتها بنفسها وتقول: المرأة قادرة على عمل المستحيل لكن يجب ألا تقلد بل تبحث عن ما يناسبها ويلائمها.