بعضنا وهو يقلب صفحات المواقع التي تقدم معلومات عن البلدان المختلفة، قد تعجبه صورة فيحتفظ بها، أو معلومة تحرضه على السفر، ولكن ميثاء مبارك وهدى زويد لم تكتفيا بهاتين الرغبتين، حيث قررتا أن تكتشفا ما خلف الشاشة على الواقع، وتختلطا بسكان المكان، وتتعلما كل ما يعنيهما، ويعرفهما إلى ثقافته، في جو من الألفة، وحب المغامرة.

بداية الألف ميل
عن دخولهما مجال الترحال، لأول مرة، تقول ميثاء مبارك: «بدأت الفكرة عن طريق الصدفة، في عام 2014، كنا سائرتين في الطريق، فرأينا مهرجاناً للرحالة، توقفنا عنده، واطلعنا على نماذج الرحالة الموجودين من كل مكان في العالم، لدى كل واحد منهم رسالة وهدف، وقصة جميلة يمكنها أن تقول عن نفسه وعن بلاده، فحرك ذلك في أعماقنا هذه الرغبة، إذ إننا دائماً نبحث عن المختلف وغير المعتاد. فشُددنا تجاه هذا المجال، ووضعنا الفكرة في بالنا، خاصة أننا لم نجد وجوداً محلياً للعنصر النسائي في المهرجان، فقررنا ولوج الترحال من أوسع أبوابه، كأول إماراتيتين ومغامرتين رحالتين».

أبرز الرحلات
القصص التي ترويها كل من ميثاء وهدى في مشاركتهما بالمهرجان، جاءت من خلال رحلتين لهما حتى الآن، تقول عنهما هدى: «أجرينا رحلتين، الأولى لقبيلة «المورسي» في جنوب أثيوبيا، وهي قبيلة معروفة بعادة «طبق الفم» التي تمارسها النساء، وتعتبر نوعاً من أنواع الزينة لديهن. وسبب وجود هذه العادة، هو قيام بعض القبائل بسرقة نسائهم، وبيعهن، فابتكروا تشويهاً يحميهنّ، ومع مرور الأيام أصبح عادة تجميلية. ما شدنا لزيارة القبيلة والتعرف إليها أكثر، هو معرفتنا أنها من القبائل المعرضة للاندثار، فتواصلنا مع هيئة الأمم المتحدة، وخرجنا في رحلة رسمية من دولة الإمارات، مدعومتين عن طريق مكتب الرحالة، وهناك استقبلتنا السفارة الإماراتية».
تتفق ميثاء وهدى، على أن تجربة الترحال علمتهما القدرة على ضبط النفس، وعيش الحياة الجميلة بعيداً عن التكنولوجيا، والقدرة على السعادة بكل شيء في الحياة، تضيف هدى: «قبيلة المورسي تفتقر لأبسط أساليب الحياة، مثل الملابس، لكنهم يعيشون بسعادة كبيرة، يجتمعون بشكل يومي نهاراً من أجل الاحتفال بأهازيجهم ورقصهم، في طقس يغمره الفرح والضحك. السعادة عندهم قرار».

ركشة من تايلند
الرحلة الثانية، دخلت هدى وميثاء بها «موسوعة جينيس» عام 2018،  بعد أن قادتا مركبة (الركشة) وهي (عربة من ثلاث عجلات يطلق عليها شعبياً توك توك) في خط سير بدأ من تايلند، وانتهى في الإمارات. حيث كانتا أول فتاتين على مستوى العالم العربي، تقطعان حوالي 4000 كيلومتر في رحلتهما. وقد اختارتا «الركشة» لأنها وسيلة تنقل معروفة في كل البلدان المخططة زيارتها. تقول ميثاء: «صنّعناها تحت إشرافنا، لمدة ثلاثة أشهر قبل بدء الرحلة، وعند وصولنا إلى تايلند نلنا تدريباً ميكانيكياً، يساعدنا على التصدي لأي مشكلة تواجهنا. وكانت لدينا أهداف مختلفة لكل بلد، فمثلاً كان هدفنا في تايلند زيارة القرى الإسلامية والمدارس والأيتام، وتقديم المساعدات، وفي ماليزيا ركزنا على (إكسبو 2020) والتعريف به، وفي كل خطوة كانت السفارة مرافقة لنا بتقديم اللازم من التحسينات للأماكن المحتاجة، وتلبية كل ما يطلب منا من المراكز المختلفة في المجال الإنساني».

أكاديمية للترحال
تطمح هدى بأن تؤسس أول أكاديمية للترحال، تعلم أساسيات هذا الأدب، الذي له معاييره وقيمه غير الواضحة لدى الذين يدّعون ممارسته، إذ إنها ترى أنه ليس كل من حمل حقيبته على ظهره وقطع المسافات الطويلة رحّالة، وليس كل من تسلق قمة جبل وغرس العلم رحالة، ويجب على الذي يدخل هذا المجال أن يضع في اعتباره تحقيق شيء على المستوى الشخصي، والوطني، والإضافة إلى الشعوب التي يزورها.
أما ميثاء، فحلمها يدور حول تشكيل فريق دراجات إماراتي نسائي، له جولاته العالمية والداخلية، يترك بصمة إماراتية في كل مكان يضع رحاله فيه.

صفات الرحالة
الصفات التي ترى هدى وميثاء أن تحلي المرأة الرحالة بها ضروري، تبدأ من الشغف الذي لا يموت، والصبر والإيجابية، والمرونة، وسرعة البديهة في التصرف مع التغييرات المفاجئة، وعدم اليأس. وألا تخاف من تغيّرها وتغيّر موروثها في الرحلة، إذ يمكنها الحفاظ عليه، حتى لو اختلطت فترات طويلة بأصحاب ثقافات مختلفة.