(لدي أخ، عمره 28 عاماً، يعاني مرض الفصام منذ أربع سنوات وملتزم بالعلاج النفسي، كما يتناول الأدوية بانتظام، خريج ومثقف، فكر بالزواج وتقدم لفتيات من الأهل وبعض الأسر الصديقة، ولكنهم يرفضون لمعرفتهم بوضعه الصحي، وقد نصحه أحد الأطباء بالزواج وليس بالضرورة إخبار الفتاة بالموضوع حتى تقبل به، وخطبت والدتي له إحدى الفتيات، ولكن أخي مُصر على إخبارها.. ما الحل؟).
هذا السؤال الذي وصلني من أحد القراء، دفعني لأن أكتب مقال هذا الأسبوع، عن المواقف التي تحدث في العيادات النفسية وينتهكها الأخصائي النفسي، والمؤسف أنه مدرك ولديه الدراية الكاملة، ويعلم جيداً بأنها تتعارض مع المبادئ الأخلاقية، وقد يُسأل أحياناً من قِبل البعض، ولكن مبرراته غير صحيحة، وقد تضر المريض بل تضره لو قرر العميل تقديم شكوى رسمية ضده، وأحياناً يكون العميل هو المخطئ بقصد أو من دون قصد، ويحتاج إلى توضيح من الأخصائي، ولكن للأسف تتداخل الأمور وتتعقد وتؤدي إلى آثار سلبية على الفرد والمجتمع.
جواب
السؤال السابق والذي دفعني للتركيز على المبادئ الأخلاقية في العلاج النفسي، جوابه أن بعض الأطباء والأخصائيين للأسف غير قادرين على التفريق بين الواجب والأخلاق، وبين ما يمكن أن يكون، والإجابة عن سؤال الأخت هي «لا»، فلا يمكن خداع الشخص الآخر دينياً ولا أخلاقياً، فمن حق الفتاة أن تعلم بحقيقة الوضع النفسي للشاب الذي سترتبط به، وحينها لديها الخيار.
مخالفات من الواقع
- أحد الأخصائيين النفسيين يعمل في أحد المراكز المعروفة، تخرج في إحدى الجامعات الأميركية المعترف بها وحاصل على الدكتوراه، يستقبل المريض من دون أدنى احترام بعد أن يتركه في غرفة الانتظار لوقت طويل لا يقل عن 20 دقيقة، يشعر فيها المراجع بالتوتر والانفعال، وعندما نصحه أحد زملائه قال: «عليه أن ينتظرني ليعرف بأنني أخصائي متمكن ولأستطيع السيطرة عليه»، لم نتعلم ذلك أثناء الدراسة والتدريب، بل علينا احترام المراجع والذهاب إلى غرفة الانتظار واصطحابه معنا بعد أن نعرفه بأنفسنا، وهذه بداية تكوين العلاقة المهنية.
- العلاقة مع المراجع والتواصل الاجتماعي خارج العلاقة المهنية مرفوض، ولكن للأسف أصبحت شائعة لدى بعض الأخصائيين النفسيين، فقد يقبل دعوة لحفل زواج أو حفل تخرج أو حضور مناسبات خاصة أخرى، أو قبول هدايا وهذه العلاقة تقلل الاحترام للأخصائي، وتؤثر سلباً في الحدود بينهم حيث يتخطى حاجز المهنية.
- اشتهر أحدهم مؤخراً عبر برامج التواصل الاجتماعي، يعطي النصائح ويشخص مع تسمية الاضطرابات النفسية حسب بعض السلوكيات أو الأعراض ويقدم النصيحة للأزواج، وللأسف لم يتخصص كمرشد نفسي أو أخصائي نفسي ولم يدرس في حياته أي مادة في علم النفس، بل تخصصه بعيد كل البعد عن هذا المجال، فهو يعتمد فقط على قراءاته من بعض الكتب الأجنبية المترجمة للغة العربية، وكتقييم فهي كتب ليس لها أساس علمي وغير محكمة، وللأسف يتابعه الكثير ممن لديهم بعض المشكلات حتى أصبحوا يبحثون عن متخصصين ليصلحوا ما أفسده هذا المدعي.
انتهاك الحدود
هناك الكثير من الدراسات والبحوث العلمية، تطرح وجهات نظر محافظة عن انتهاك الحدود من الأخصائي إلى العملاء، وبعض تلك الانتهاكات أو المخالفات تمس العميل بشكل مباشر، وقد تؤثر في علاقته بذاته وبأسرته وبالأخصائي نفسه، لذا نحرص، ونحن نُعلم طلبة علم النفس، على الالتزام بأخلاقيات المهنة ليس كمعرفة فقط، بل كنهج والتزام علمي وأخلاقي.