عندما تقابل النجمة البحرينية زهرة عرفات، تستشعر الرصانة في كل حركة تصدر عنها، هادئة ووديعة ومستمعة أكثر منه مُتكلمة، عازفة بعض الشيء لكنها طموحه، وتطلعاتها تبلغ عنان السماء، صاحبة تاريخ وبصمة، تُفكر ألف مرة قبل الموافقة على أعمال درامية جديدة، اليوم وهي تحتفي بيوبيلها الذهبي زادت خبرة ورصانة.
• تمتلكين حساً كوميدياً لافتاً، فلماذا الأدوار الكوميدية التي تقدمينها في المسرح محدودة؟
لأن الجمهور لا يتقبلها مني، فالمشاهد تعود على أنني ممثلة جادة في التلفزيون، وبطبيعتي على المسرح أخاف من اللون الكوميدي فتجدني أقدم (إفيه) أو اثنين على الأكثر، لكنني أقدم ما يُعرف بـ«الفرش للكوميديان»، خاصة أن الجيل الجديد تعود على أن أقدم له النكد والحزن، لكنهم لو عادوا إلى مسرحياتي قديماً سيجدونني أقدم اللون الكوميدي كما في «الشرطية الحسناء».
•إذاً أنت مكتفية بما يُعرض عليك من أدوار مسرحية حالياً؟
لا.. لست مكتفية، فأنا أطمح للأفضل بكل تأكيد، لكنني آخذ الأمر بكثير من التروي والتأني، فالمعادلة صعبة في المسرح التجاري، فإما أن تقدم كوميديا على مستوى ما يقدمه الشباب نفسه أو «تفرش» وتكتفي بذلك.
فقد درامي
•هل شعرت بالفقد كونك لم تحضري درامياً هذا العام؟
لا، دعني أخبرك بصراحة، أن لي حالياً عامين لم أقدم خلالهما شيئاً، ولم يُعرض أمامي إلا دور المرأة الضعيفة المنكسرة أو الأم لثلاثة أولاد مثلاً، أو لا يكتمل الاتفاق، ونختلف على وضع الاسم في التتر أو القيمة المادية، وأنا في مرحلة عُمرية تجعلني غير قادرة على تحمل ما يزعجني، فإذا ما سمعت كلمة أو معنى أو تعبيراً يضايقني أعتذر عن العمل كله، خاصة في ما يتعلق بالقيمة المادية والأجر.
•هل ما زلنا في عصر الجهل بقيمة الفنان وبورصة النجوم؟
هذا لأن البعض حوّلوا الفن لسلعة، وتغاضوا عن قيمة ما يقدمونه طالما يحصلون على أجر كبير، وأنا يهمني الدور، ومن الأعمال التي كان من المقرر لها أن تُعرض في رمضان، عمل مع الفنان نايف الراشد حمل اسم «كان خالد»، وأجرينا البروفات والتجهيزات في رمضان ومع ذلك لم يرَ العمل النور، رغم أن الدور أعجبني للغاية، فبطبيعتي أحب دور المرأة القوية التي تُضرب ولا تنكسر، وكانت تلك تجربتي الثانية مع الراشد، لكن بعض العثرات حالت دون لحاقه بالسباق الرمضاني.
• نعلم عنك شهامتك وفزعتك لأهل الفن، فهل تترددين في دعم زميل أو زميلة؟
يحدث هذا مع حسن البلام فهو أخي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، لكنني لا أجامل على حساب فني ورصيدي عند الناس، لذلك كل الأدوار التي اعتذرت عنها وقدمها غيري لم تترك علامة عند الجمهور، والمشاهد لا ينسى الفنان الصادق، وحصل أن تواريت عن الأنظار لعامين وأكثر وعندما عدت وجدت الجمهور في استقبالي بشكل أروع مما كان.
عامي الخمسين
•نشعر بأنك في الفترة الأخيرة أكثر تسامُحاً وهدوءاً، فما السبب وراء ذلك؟
(تعلق ضاحكة): اليوبيل الذهبي، فلقد أتممت عامي الخمسين، وأصبحت أكبر من أن أهتم بالأشياء السطحية، وكذلك آثرت البعد عن الشائعات والقيل والقال، ولم تعد لي طاقة على المجاملات أو تحمل الثرثرة، وقننت علاقاتي لأضيق الحدود.
•مع بلوغك اليوبيل الذهبي، ما أكثر شيء يسعدك حالياً؟
همي الشاغل الآن البحث عن الراحة النفسية، وذلك على الصعيد الشخصي والعملي، وعندما أنجح مادياً هذا سينعكس بالتأكيد على الصعيد الشخصي.
•هل تدللين نفسك؟
نعم، كنت في الماضي أدلل نفسي بشراء المجوهرات والحرص على التسوق والسفر، لكن حالياً تدليلي في راحة بالي.
«سوشيال ميديا»
•هناك من انتقد تصريحاً لك بأنك حاولت الانتحار في الماضي ثلاث مرات، ما تعليقك؟
قصدت من ذلك التحذير، وهو تحذير موجه للأهل، فهذه المحاولات كانت في فترة المراهقة، لذلك عندما أتجادل مع أحد من أبنائي ويذهب إلى غرفته ويغلقها عليه كنت أخاف من تكرار مأساة انتحاري، لذلك جاءت لي فترة هربت فيها من التصريحات الإعلامية، لأنهم يختزلون حواراً مدته ساعتين في 10 دقائق والقارئ أو المشاهد يحاسبني على تلك الدقائق، ناهيك عن البُهت والتجني الذي يجتاح منصتي «إنستجرام وسناب شات».
•كيف هي علاقتك بالـ«سوشيال ميديا»؟
علاقة جيدة، لكنني أرفض ما يُطرح عبر تلك المنصات الاجتماعية، من كذب وتدليس للمعنى والكلمة، ورغم أنني لست محل نقد في الـ«سوشيال ميديا» لكن ما يحدث مع زملائي أمر يحزنني.
•لماذا لم تستثمري فترة غيابك في تقديم البرامج، خاصة أنه لك تجربة ناجحة في هذا المجال؟
لم تُعرض علي فكرة تناسبني، فكل الأفكار المطروحة تتأرجح بين الطبخ والرياضة، وتجاربي السابقة كانت برامج تُعلي من شأن الفنان وتبين ثقافته وتتطرق للشؤون الثقافية والفنية والسياسية والاقتصادية وحتى الطبية.
لو عاد الزمان
•لو عاد بك الزمن، ما الذي ستغيرينه في شخصيتك؟
كنت أتمنى لو حملت تلك الخبرة الحياتية وقت أن كنت في العشرينات من عمري، لأن نظرتي للحياة حالياً اختلفت 180 درجة.
•هل تشعرين بالرضا عن مكانتك الفنية حالياً؟
أطمح إلى المزيد من دون شك، لكنني راضية عن المعدل الزمني لمسيرتي، وهناك من ينتقد هذا التأني في مشواري ويقولون، إن «الفاشنيستات» قد تجاوزننا نحن الفنانات، لكني لا أهتم بتلك المهاترات، فأنا مطلوبة، فلو قلنا إن رصيد الأعمال الدرامية سنوياً 15 عملاً، فالمعروض عليّ من تلك المحصلة نصفها تقريباً.
•أخيراً، إلى متى سيطول غيابك؟
حتى أجد العمل الذي يخدمني ويعزز تاريخي الفني، وأنا دائمة البحث عن الذي يميزني.
ترويج المنتجات
كثرت في الفترة الأخيرة ظاهرة عمل بعض الفنانات كمروجات للمنتجات عبر وسائل التواصل، وحول هذا تقول زهرة عرفات: «هذا الأمر أراه حقاً مشروعاً لكل إنسان وليس للفنانات فحسب، وأنا واحدة من اللاتي استفدن من الترويج لبعض المنتجات عبر الـ«سوشيال ميديا»، وإذا كان في الأمر عائد مادي يغنيني عن سؤال أحد، فماذا سيعود علي من انتقاد الناس؟».
الرقم واحد
سألنا زهرة عرفات : متى تكونين الرقم الأول في بورصة نجمات الخليج؟ وهل الأمر صعب؟، فقالت: «بالتأكيد الأمر صعب، و(الرقم 1) اليوم هما الفنانتان سعاد عبد الله وحياة الفهد، و(الرقم 2) هي الفنانة هدى حسين، ثم تأتي البقية، فحتى أنا بعيدة عن هذين الرقمين، ومن لا يحترم الأكبر منه سيجد من لا يحترمه».