ينطلق جامع التراث، الشاب الإماراتي بدر محمد صعب، في هوايته من إيمانه بأن التراث ثروة وإرث لا يقدر بثمن، فيمضي بخطى محبة وشغوفة نحو تطوير مقتنياته الأثرية القيمة، كأفضل طريقة لالتقاط التفاصيل حول طرق الحياة في الماضي والتوثيق لبلده، حاصداً مجموعات نادرة تتنوع بين الوثائق القديمة والسيارات الكلاسيكية وأرقامها، والعملات والصور وغيرها.
طوابع وعملات
أثناء نشأته، كان بدر دائم الفضول لمعرفة المزيد من المعلومات عن نشاط والده، الذي كان عاكفاً على جمع العملات والطوابع البريدية، ومع مرور الأيام تسلل حب التوثيق تلقائياً إلى جيناته الوراثية، ليصبح نمط حياة أكثر من مجرد هواية، موضحاً: «كانت رحلة فريدة من نوعها بدأت في طفولتي وانطلقت من (سحارة جدتي) وهو الصندوق الذي كانت تحتفظ فيه بمصوغاتها وأشيائها الثمينة والذي لا يزال موجوداً، فاكتشفت فيه الكثير من الوثائق القديمة مثل (الباسبورتات، شهادات القيد والوثائق الرسمية للممتلكات والرخص وبعض المتعلقات العائلية) التي كانت تورث من جيل إلى آخر في الأسرة، وجذبني كل ما وجدت للاحتفاظ به والتعامل معه كثروة قيمة».
مهمة رئيسية
على الرغم من مؤهلاته الأكاديمية في التقنية وأعماله الخاصة، يتحدث بدر عن طبيعة عمله كجامع للتراث: «شخصياً، أعتبر جمع هذه الأشياء والوثائق ومشاركتها مهمة رئيسية في حياتي، وذلك بهدف جلب تراثنا وتاريخنا إلى الحياة للأجيال الحالية والمقبلة. وفي جهودي للقيام بذلك سافرت إلى كثير من الدول، وتجولت في الأسواق الشعبية حول العالم ومواقع المزادات لأحصل على كثير من الأشياء والأدوات العتيقة التي توثق لتاريخ الإمارات».
مؤسس الاتحاد
أما أكثر ما يفخر ويحتفي به بدر فهو حصوله على كثير من الوثائق النادرة عن مؤسس دولة الإمارات، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، من أعمال وأقوال، وتاريخ قيام دولة الاتحاد، وإنجازاتها موضحاً: «من خلال رحلات عديدة والبحث في دول عربية وحول العالم، استطعت جمع كثير من المنشورات العربية والأجنبية، التي تضمنت قصصاً عن الشيخ زايد، إضافة إلى قدر كبير من الوثائق والصور التي تخص الخليج والعالم العربي».
متحف
من يزور بدر في مكتبه أو منزله، يلاحظ جلياً أنهما عبارة عن متاحف صغيرة، حيث تشاهد صوراً نادرة معلقة على الحائط، وطاولات عليها مجموعة من المجلات العربية التي تحوي مقالات متعلقة بالدولة قديماً، والجرائد المحلية في إصداراتها الأولى، وأرقام لوحات سيارات تعود لفترات زمنية سابقة، وأشرطة كاسيت وفيديو، وأشياء تعكس ثقافة الإمارات من الماضي، عن هذه المجموعات، يقول: «تتميز مجموعاتي بالتنوع، حيث توثق جميعها للحياة آنذاك، متتبعاً تطورها مثل الهواتف الأرضية القديمة، والأجهزة العتيقة من تلفاز ومذياع وبعض آلات التصوير البدائية وغيرها».
يعتبر بدر أن مقتنياته متاحة للجميع للاطلاع عليها، والتعرف من خلالها على تراث بلده، وفي الفترات الأخيرة زاد لديه عدد الزوار المهتمين بها، ويؤكد بدر: «أطمح إلى أن أنشئ متحفاً خاصاً لهذه المقتنيات، لتصبح مرجعاً وقبلة لكل المهتمين بالبحث في تاريخ الإمارات والخليج، ومعرفة مصادر الأشياء وجذورها، فلولا هذا الشغف ما عرفنا عن كثير من الاكتشافات التاريخية».