«العود».. سلطان الآلات وجالب المسرات. فتتميز هذه الآلة الموسيقية الشرقية بنغماتها الشجية وصوتها الساحر، حتى إن السيدة فيروز تغنت بها بأغنيتها الشهيرة: «عودك رنان رنة عودك إلي.. عيدا كمان ظلك عيد يا علي.. سمعني العود.. عالعالي عيدا كمان». وقبلها تغنى الموسيقار فريد الأطرش وهو أحد أمهر العازفين على هذه الآلة بأغنية «دقوا المزاهر يللا.. يا أهل البيت تعالوا»، والمزاهر هي جمع مزهر وهو أحد أسماء العود.
العود هو آلة وترية كُمثرية الشكل لها ستة أوتار مزدوجة، ويغطي مجاله الصوتي حوالي الأوكتافين ونصف، ويستعمل في الموسيقى العربية والفارسية واليونانية والتركية والشعبية والإسبانية الأندلسية، وموسيقى الشرق الأوسط. ويعتبر العود آلة رئيسية في التخت الموسيقي الشرقي.
صناعة آلة العود
تصنع آلة العود في عدة مدن عربية، أبرزها دمشق والقاهرة وبغداد ومؤخراً دخلت العاصمة الإماراتية أبوظبي المنافسة بتصنيع العود بشكل مميز واحترافي، من خلال ورشة صناعة تابعة لـ«بيت العود العربي»، الذي لم يعد مكاناً لتعليم العزف على آلة العود فحسب، وإنما لصناعتها كذلك. حيث يتم تصميمها بما يتيح العزف باستخدام أصعب التقنيات ومواكبة أحدث أساليب العزف في العقود الأخيرة، وتتميز آلات العود التي ينتجها بيت العود بدقة حجمها، حيث يتم تركيبها من قبل الفنان نصير شمة، كما تعد آلات متميزة من السهل ضبطها والعزف عليها. ويبلغ الطول الكامل للعود 67 سم، وعرضه 36 سم. أما طول الذراع فيبلغ 19 سم وعرضه بالقرب من نهاية المفاتيح أربعة سنتيمترات، وستة سنتيمترات بالقرب من صندوق الصوت. ويبلغ الطول الإجمالي لكل وتر 57 سم. كما يتميز هذا العود بالبنجق المنحوت على قطعة من الخشب، والذي يضبط النغمات بصورة متوازنة، وهي المرة الأولى التي يتم فيها صنع آلة العود باستخدام تقنية النحت، التي تمنحه عمراً أطول ومتانةً أكبر، كما يتم صنع المفاتيح بمنتهى الإتقان من خشب «الأبنوس»، أمتن أنواع الخشب، مما يسهل التحكم في شد الأوتار وضبط أعلى النغمات بدقة أكبر.
ويتسم عود أبوظبي بجودة صوته، حيث يدخل في صناعته أفضل أنواع خشب الأرز، بعد أن يخضع لعدد كبير من الاختبارات لتوفير الطريقة المثلى لتقسيم نغمات الآلة، ويمنح هذا الأسلوب أوتار العود صوتاً مميزاً، ولاسيما في النغمات العالية والمنخفضة.
الوتر السادس
يوضح عمرو فوزي، المسؤول عن صناعة الأعواد في «بيت العود»، أن هناك عدة أنواع من الأخشاب المستعملة في هذه الصناعة، يأتي في مقدمتها خشب «الأبنوس» الأفريقي الصلب، بينما يستخدم خشب «الروزوود» لما يعطيه من دفء في الصوت، وهو من أحسن أنواع الأخشاب في صناعة الآلات الموسيقية. أما وجه العود فيُمزج فيه نوعان من الخشب هما (سبروس وسيبر). وأكد فوزي أن الصانع هو من يجيد انتقاء قطع الخشب المناسبة للتصنيع وجاهزيتها لتوصيل الصوت بشكل دقيق وجميل.
وعن الأوتار يقول عمرو فوزي: «العود أصلاً كان بأربعة أوتار، وقد أضاف له زرياب الوتر الخامس، وفي العصر الحديث تمت إضافة الوتر السادس وأصبح العود السداسي الأكثر شيوعاً». أما عن صناعة الأوتار فيوضح: «كانت الأوتار تصنع من أمعاء الطيور، أما اليوم فهي تصنع بمزيج من النحاس والبلاستيك والستانلس». أما عن الألوان المستخدمة في العود فيقول: «هو مجرد ذوق، لا يوجد لتأثير الألوان على أهمية العود وصوته». أما عن أحجام العود فقال إن هناك أحجاماً عديدة، ولكن المقاس الرسمي هو العود الذي يصل طول الوتر فيه إلى 57 سنتيمتراً وطول الزند 19 سنتيمتراً.
4 أعواد جديدة
إلى جانب آلة العود التقليدية، انضمت مؤخراً ست آلات جديدة هي (عود لين - 63 سم × 20 سم) و(عود لا - 67 سم × 24 سم) و(عود لو - 120 سم × 40 سم) و(عود دبل باص 180 سم × 66 سم). وهذه الآلات تم تصنيعها في بيت العود في أبوظبي بدعم من هيئة أبوظبي للثقافة والسياحة وبإشراف الفنان نصير شمة، وقد شاركت هذه الآلات بأكثر من احتفالية، حيث تمت الاستعاضة بها عن الآلات الغربية المشابهة والتي تنتمي لعائلة الكمان.
لمحة تاريخية
أقدم الدلائل الأثرية لآلة العود تعود إلى 5000 عام، حيث وجد الباحثون في شمال سوريا نقوشاً حجرية تمثل نساء يعزفن على آلة العود، واشتهر العود في التاريخ القديم والمعاصر، كما أبدع العديد من الصناع في صنع آلة العود ومنها الدمشقي والبغدادي والمصري وغيرها، وأكدت الدراسات المقارنة لمجموعة من آثار العود، التي اكتشفت في المواقع الأثرية المختلفة، أن أول ظهور لآلة العود كان في بلاد ما بين النهرين والجزيرة السورية، وذلك في العصر الأكادي، بينما ظهر العود في مصر في عهد المملكة الحديثة حوالي 1580 - 1090 ق.م، بعد أن دخلها من بلاد الشام.
يمتاز العود الأول بصغر صندوقه وطول رقبته، وكان العود الآلة المفضلة لدى الناس في عصر البابليين 1950 - 1530ق.م، واستمر بشكله الكمثري صغير الحجم حتى العصور المتأخرة، وكان في البداية خالياً من المفاتيح وبدأ بوتر واحد ثم بوترين وثلاثة وأربعة حتى أضاف إليه زرياب الوتر الخامس.
كانت طريقة مسك العازف للعود تختلف عن الطريقة الحالية، فقد كان يمسك بصورة مائلة للأعلى، وفي العصر الهيلينستي أصبح العود يمسك بصورة مائلة للأسفل، ويعتبر العود من أهم الآلات الشرقية والعربية على الإطلاق، فهو كما قيل فيه سلطان الآلات ومجلب المسرات، ويكفي أن ننوه بتفوقه وسيطرته على جميع الآلات الشرقية على العموم والعربية على الخصوص، حتى إنه تخطى الأمم الشرقية وانتقل إلى الأندلس بانتقال العرب إليها وتعداها إلى أوروبا، وانتقل اسمه معه ولازمه في كل مراحل تطوره ويطلق عليه بالإنجليزية اسم (لوت).
أقسام العود
يتألف العود من الأقسام التالية:
• الصندوق المصوت، ويسمى أيضاً القصعة أو ظهر العود.
• الصدر أو الوجه الذي تفتح فيه فتحات، تسمى قمرية لتساعد على زيادة رنين الصوت وقوته.
• الفرس ويستخدم لربط الأوتار، قرب مضرب الريشة.
• الرقبة أو زند العود، وهي المكان الذي يضغط عليه العازف على الأوتار.
• الأنف أو العضمة، وتوضع في رأس زند العود من جهة المفاتيح، لإسناد الأوتار عليها ورفعها عن الزند.
• المفاتيح أو الملاوي، وعددها 12 أو 14 مفتاحاً، وتستخدم لشد أوتار العود.
• الأوتار وهي خمسة أوتار مزدوجة، ويمكن ربط وتر سادس إلى العود وحديثاً يمكن ربط وتر سابع.
• الريشة التي تستعمل في العزف، تساعد على الرنين، يمكن أن تستخدم ريشة مصنوعة من العاج لأنها أفضل وتقوي الصوت، كما يمكن استخدام اليدين أو أدوات أخرى للعزف.