تعد «واحة ليوا»، الواقعة في منطقة الظفرة بأبوظبي على حافة صحراء الربع الخالي، الوجهة الأنسب لعشاق الصحراء والواحات، والحياة البرية، حيث يمكن للزائر الاستمتاع ببيئة صحراوية نقية والانطلاق فوق الكثبان الرملية التي تتميز بها منطقة الربع الخالي بأبوظبي، التي تأخذ شكل قوس محدب ثم شكل قوس مقعر، والاستمتاع بأشعة الشمس ومشاهدة سحر الغروب والطبيعة الخلابة التي تسحر الألباب.

تاريخياً، لعبت «ليوا» دوراً كبيراً في تسجيل مجرى الأحداث في تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة، في منطقة الظفرة وبالأخص محاضر «ليوا» وهي قلب الظفرة بواحاتها الغناء التي سجلت ربوعها حكايات متوارثة روت جانباً من بسالة أبناء «ليوا» وشجاعتهم، وسلطت الضوء على القيم البدوية الراسخة في نفوسهم أباً عن جد، إذ لم تُغير الماديات والحياة الحديثة صفاتهم وسلوكياتهم النابعة من أصالة المكان. كانت ولا تزال «ليوا» فخر الإمارات، وكنز حضارتها الأصيلة؛ فهي زاخرة بتاريخٍ حافل تتناقله الأفواه، وتتناقله الأجيال المتعاقبة ليبقى موروثاً لا تمحوه الأيام.

حصن الظفرة
تقول الباحثة في التاريخ الشفاهي في الأرشيف الوطني، مريم سلطان المزروعي، إن منطقة الظفرة تتكون من عدة مناطق: (بينونة، والطفّ، والسّاحل، والقفا، والبطانة، وليوا والبطين والحمرة)، وإن هناك العديد من القلاع والأبراج الموجودة في الظفرة، وجميعها في محاضر «ليوا» بين منطقتي البطانة والبطين؛ إلا قلعة واحدة موجودة في منطقة الساحل أطلق عليها اسم (حصن الظفرة).
وتسترسل: كان السبب في بناء هذه الحصون والأبراج حماية الأهالي من الطامعين والاعتداءات المتكررة عليهم، كما أن أهل الظفرة لم يسكنوا تلك القلاع بل إنهم سكنوا العرشان.

قبيلة بني ياس
«ليوا» أرض التلال الذهبية، التي عشقها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والتي لم تُركن في عهده بل اندمجت وانصهرت وأصبح لها اسم ومركز مشهودان، وتوضح المزروعي أن قبيلة بني ياس بدأت حياتها في هذه المنطقة، ومنها أسرة آل نهيان الكرام حكام إمارة أبوظبي، ونُسب للشيخ زايد قوله: إن «ليوا» تمتد من الشرق إلى الغرب، فهي تبدأ في الشرق عند قرية حميم، وتنتهي في الغرب عند قرية عرادة، و«ليوا» تمتد من الجزء الشمالي من حوض الربع الخالي الكبير، وسكانها يتركونها في الشتاء، ومع بداية الربيع يعودون لها.
وتتميز أيضاً صحراء «ليوا» بوجود «تل مرعب» الذي يصل ارتفاع الكثبان الرملية فيه إلى 300 متر وهو أحد أعلى الكثبان الرملية على مستوى العالم، ويبلغ عرضه 1600 متر ويميل بمقدار 50 درجة عن سطح الأرض، الأمر الذي جعله مكاناً متميزاً لعشاق سياحة المغامرة منذ فترة طويلة.

«محضر السبخة»
يقول سالم علي برطاع الهاملي من منطقة «محضر السبخة»: «ولدتُ في (منطقة السبخة في ليوا)، و(ليوا) عبارة عن مناطق تسمى (محاضر- مفردها محضر، والمحضر هو واحة في الصحراء، وهو الأرض التي يوجد بها ماء وشجر، وتصلح أن تكون مصيفاً)، وسُميت منطقة السبخة بهذا الاسم لأنه يتجمع بها الندى الممزوج بالملوحة، وتكون هذه المناطق منخفضة؛ فالسبخة تقع بين منطقتي «الحويتين والحاذي»، بعدها تأتي منطقتا (الثروانية والطّرقْ) وتبعد عنها (مزيرعة) حوالي 15 كيلومتراً، ويحوي هذا المحضر آبار الماء والمساكن؛ إلا أن الناس فيه كانوا قلة لكنهم يملكون الكثير من الأغنام».
أما فرج راشد عبيد المنصوري من منطقة بينونة، فيقول إنه وعائلته سكنوا «ليوا» حول «بوحصا» وغرب «العقيلة»، وكانوا في الشتاء يذهبون إلى موقع قرب الرويس قريباً من البحر، وفي الصيف ينتقلون إلى الرمال لأنها تحوي الماء العذب، فيصيفون في «السيح» وهي منطقة صحراوية ترابية واسعة.

ذكريات
للنساء من هذه الذكريات نصيب، وكانت لهن ذكريات جميلة رسختها الأيام، تقول هيمان ثامر خلفان المرر، من محضر «كيه» أو «جيه»، كما ينطق من قبل أهالي المنطقة: «ولدتُ في (ليوا) في محضر كيه، وكان أهلنا يهتمون بالنخيل وجني الرطب ويكنزون التمر، لم تكن هناك سيارات أو أُناس كُثر حولنا، وأعدادنا قليلة وقد انتشرت حولنا النباتات الطبيعية كـ(الأرطى) التي كانت ذات أحجام كبيرة تقارب حجم البيوت آنذاك، وأيضاً الزهر و(المرخ) وغيرها». وتضيف: «هذه ديارنا عشنا فيها مع (البوش - الإبل) و(الهوش - الغنم)».