«اطلبوا العلم ولو في الصين»، كم رددنا هذه العبارة، لكننا ربما لم نفكر يومها في الطريقة، إذ إننا اعتمدنا على ما نجده بلغتنا، لكن المترجمة المصرية الشابة يارا المصري، صاحبة الترجمات المتعددة في الأدب، فكرت في الطريقة، وسلكت السبيل، وأخذت الكتاب بقوة الكلمة، وخفة الروح، لتكسر الحواجز، وتوصل قراء «زهرة الخليج» إلى عوالم الثقافة الصينية من خلال الرواية والشعر والأدب بكل فروعه الأخرى.
• كيف وصلت إلى جائزة الإسهام المتميز في الكتاب الصيني، التي حصلتِ عليها مؤخراً؟
وصلت إليها عن طريق ترشيحي من قبل جامعة بكين للمعلمين في الصين، عادةً لا أتقدم للجوائز، ولكن لا أرى حرجاً في ذلك في حال أراد المترجم أن يتقدم لها. كما أن الجائزة السابقة التي حصلت عليها، وهي جائزة الترجمة فرع الشباب، الخاصة بصحيفة أخبار الأدب في مصر، كانت بترشيح الهيئة العامة للكتاب.
ترجمة معاكسة
• هل لديك محاولة للترجمة المعاكسة من العربية إلى الصينية؟
ليس لديّ، كوني محتفظة بخط سير محدد في ترجماتي، ولا أظن أنني مستقبلاً سأعتني بترجمة النصوص العربية إلى اللغة الصينية، لأنني على ثقة بأن أهل اللغة هم أولى بنقل الأعمال من لغاتها إلى لغتهم، فمثلما أرى أننا كعرب يجب أن ننقل الأدب والكتب الصينية إلى لغتنا، لذا أجد أن من الأفضل أن ينقل الصينيون أدبنا وكتبنا إلى لغتهم. أهل اللغة أدرى بها، ونحن مهما بلغ بنا العلم مبلغاً في معرفتها، فإنه لا يمكننا أن نصل إلى مستواهم فيها.
• هل ترجمتك لكتاب (أحتضن نمراً أبيض وأعبر المحيط)، مما أدخلك عالم الشهرة في العالم العربي؟
الحقيقة أن هذا الكتاب لم يأخذ شهرة كبيرة منذ صدوره عن دار النسيم في القاهرة، كما أنه مختارات شعرية، وللشعر جمهور معين وانتقائي، لكن أكثر ترجمة اشتهرت لي هي ترجمتي لرواية الذواقة، التي نلت بسببها جائزة صحيفة أخبار الأدب، وبعدها بدأت بنشر أكثر من كتاب عن طريق دار مسعى البحرينية للنشر، مثل رواية الفرار وزوجات محظيات، وغيرهما، وكل ترجمة لها جمهورها بالتأكيد.
• هل ترين أن التواصل مع كاتب العمل إضافة ضرورية لترجمة عمله؟
بالطبع، فالتواصل مع الكاتب إضافة ضرورية للترجمة، لو كان متاحاً، فمثلاً ديوان (أحتضن نمراً أبيض وأعبر المحيط) لم يكن الكاتب موجوداً، حيث إنه مات منتحراً وهو في عمر الـ25، لكن صديقه كان موجوداً، وهو الذي ترجمت له مؤخراً مختارات شعرية بعنوان (معابد العتمة). لم أتواصل معه أثناء الترجمة، بل بعد انتهائي منها. التواصل مع الكاتب أمر جيد، ويساعد المترجم في فتح الأبواب المغلقة المستعصي فتحها عليه، فالكاتب هو الوحيد الذي يمكنه إخباره بالمعنى.
ثقافة
• أترين أن الثقافة الصينية أثرت بشكل مباشر في حياتك؟
أكثر ما وجدت أنه أثر في حياتي بعد دراستي في الصين وزياراتي لها، هو أهمية تقدير الوقت، هذا هو الأمر الذي أثر بشكل مباشر في حياتي، وهو السبب في اعتنائي بوجود جدول أسير عليه أثناء عملية الترجمة. بالطبع حين أزور أصدقائي في الصين فإنني آكل مما يأكلون، وأتنزه كما يفعلون، والموضوع ليس غريباً عليّ، ولكنني لا أطهو الطعام الصيني في منزلي بعد العودة له، وإنما أطهو الطعام المصري.
• هل تجدين لديك الرغبة في تدريس الترجمة الصينية في الإمارات؟
ما أطمح إليه ليس تدريساً بالمعنى الحرفي، في الجامعات، ولكنه أقرب إلى كونه ورشة للترجمة، في حال وجدت طلاباً مهتمين بالترجمة الأدبية، وأستطيع إدخالهم هذه الورشة، ومشاهدة ترجماتهم، ومناقشتها معهم، وتقييم مستواهم، سيكون شيئاً رائعاً، إذ إننا في حاجة إلى مترجمين أكثر عن اللغة الصينية، فعددنا قليل بالنسبة للمترجمين من اللغات الأخرى، فإذا وجدت من لديه الاستعداد، ومستواه جيد، لمَ لا؟