ربما لا شيء يبدو حالياً مكرراً كما هي أفلام الرعب، والجزء الأكبر من هذا التكرار هو النجاح الذي تحققه في مستوى المتابعة والإقبال الجماهيري، على الرغم من أن هذا التكرار ليس مقتصراً على إعادة اجترار الفكرة ذاتها بأكثر من طريقة، سواء جاء الرعب من بيت مسكون وأشباح ملاحقة أو من حيوانات مفترسة وكائنات غريبة مخيفة، أو قتلة متسلسلين ومختلي العقل الذين يطاردون الناس لأسباب نفسية وخلفية تربوية معينة، أو حتى لمجرد متعة القتل، بل إن التكرار وتعزيز الاستمرار يأتيان أيضاً من الأجزاء اللاحقة والمستمرة لسنوات. ولن تكون القائمة قصيرة إذا ما أردنا حصر الأجزاء الجديدة التي ظهرت فقط هذه السنة لأفلام سابقة حققت نجاحات جيدة في شباك التذاكر.
سلاسل أفلام الرعب
ولعل أشهر سلاسل أفلام الرعب وأكثرها نجاحاً هي سلسلة فيلم Halloween، التي أطلقها المخرج جون كاربنتر عام 1978 كفيلم مستقل، أصبح فيما بعد ملهماً للعديد من هذا النوع من أفلام الرعب، خاصة مع نجاحه التجاري والفني حسب تقييم النقاد، وهو أول أفلام الممثلة جيمي لي كيرتس، التي استمرت مع الفيلم في تقديم أجزاء لاحقة بعيداً عن المخرج كاربنتر - والذي كان يكتفي بكتابة النص باعتباره صاحب القصة الأصلية - ولسنوات عدة آخرها العام الماضي، حينما عادت من جديد للهروب من مطاردها القاتل المقنع مايكل مايرز بعد أربعين سنة منذ مطاردتها الأولى! وما بين الفيلمين كان هناك أربعة أجزاء للقصة، إلا أن جميع الأفلام الخمسة لم تكن لتتجاوز الجزء الأول الذي كتبه وأخرجه جون كاربنتر.
في لقاء مع جون كاربنتر عن الفيلم، الذي تمت صناعته بميزانية قليلة، بعد أن عرض المنتج إروين يابلانز على كاربنتر فكرة تقديم فيلم بمبلغ لا يزيد على 300 ألف دولار، بدأت الفكرة عن قاتل يطارد جليسات الأطفال، إلى أن تحولت إلى ما هي عليه الآن حينما نجحت في الارتباط بمناسبة مهمة مثل عيد القديسين - يقول جون: «ظل فيلم «عيد القديسين» من أنجح الأفلام المستقلة لفترة من الزمن، لأنه تكلف مبلغاً قليلاً للغاية وحقق مكاسب هائلة، وربما هذا يعود لأسلوب الفيلم، حيث جعل الناس يصرخون ليصبح أول فيلم رعب منذ وقت طويل، يشبه وسائل التزحلق فوق المنحنيات الخطرة في مدينة ألعاب، حيث كان آخر ظهور لهذا النوع هو فيلم سايكو لهتشكوك، فهو فيلم ينتمي بشكل جوهري إلى أفلام الطراز القديم، وعلى الرغم من أنه أطلق شرارة أفلام الرعب الدموية التي يعشقها المراهقون والتي قلدت أسلوب فيلم «عيد القديسين» إلا أنها استخدمت الدماء بشكل متطرف بينما وقعت كل مشاهد العنف في فيلمي خارج الشاشة، حيث لا ترى ما يحدث فعلياً، لكن تخيلك لما يحدث هو ما يسبب الخوف».
تشويق
يبلغ جون كاربنتر من العمر 71 عاماً، وربما هو الأكثر تميزاً من مخرجي جيله بهذا النوع من أفلام الرعب والعنف والحركة، ولذا فيبدو تأثيره جلياً في المخرجين الشباب من محبي هذا النوع من الأفلام، فبالإضافة إلى فيلمه الشهير هذا Halloween والذي يحكي قصة مايكل مايرز، الذي هرب من مستشفى الأمراض العقلية ويعود لبلدته من أجل قتل الفتاة لوري، سنجد هناك فيلماً آخر لا يقل شهرة عنه على الرغم من تفوقه على مستوى التقييم الفني عام 1982 The Thing، والذي يحتل حتى هذه اللحظة المرتبة 164 في القائمة الشهيرة على موقع imdb لأفضل 250 فيلماً في تاريخ السينما حسب تصويت الجمهور. وهو فيلم غموض وإثارة وتشويق مرعب بفكرة خيال علمي، حول محطة أبحاث أميركية تكتشف فريقاً ميتاً في محطة أبحاث نرويجية قريبة، وظهور كائن غريب يتم جلبه للمحطة الأميركية من أجل دراسته، لكن الأمور تتجه لمنحى آخر بشكل مرعب.
إضافة إلى فيلمي كاربنتر الهروب مع كرت رسل (الهروب من نيويورك، الهروب من لوس أنجلوس)، الذي يدور حول سنيك بليسكن السارق المصرفي الذي تستعين به الحكومية الأميركية للقيام بمهام صعبة وخطرة. إضافة إلى 11 فيلم رعب آخر من بين أفلامه الـ18 والتي لم تحقق النجاح الذي حققه فيلم (الشيء، عيد القديسين)، لكنها تؤكد هوية كاربنتر وتميزه في أفلام الرعب والتي كان آخرها قبل تسع سنوات عام 2010 بفيلم The Ward، مكتفياً بالكتابة سواء لسلسلة أفلام هالوين أو غيرها.
في حوار أجراه عام 1996 مع مجلة «رابطة المخرجين» قال عن الإخراج: «أشعر بالسعادة عند الانتهاء من الفيلم، فأنت قد حققت شيئاً لم تتح الفرصة لمعظم سكان الأرض أن يحققوا مثله. نسبة الأفلام التي تحرك المشاهدين فعلياً قليلة جداً، كلما تنجح في استثارة المتفرجين ليترك الفيلم آثاره فيهم أيضاً، تدرك أنك حققت إنجازاً حقيقياً».