«هناك هوة كبيرة بين المرأة والأرقام».. مقولة متداولة قد تدفع كثيرين لتجنب التعامل مع النساء في مجال المال، بينما يشير الواقع الحالي إلى انجذاب عدد كبير من النساء إلى هذا العالم وبروزهن فيه، وأفضل مثال على ذلك موظفات السوق المالي في دبي، الناجحات في عملهن حد الإتقان. هن ضيفات «زهرة الخليج»، يجاهرن بتحدي المقولة الخاطئة عنهن، ويؤكدن صداقاتهن مع الأرقام، وإتقانهن فن التداول والاستثمار، كل واحدة بأسلوبها.

الربح أولاً
بعد 13 عاماً من عملها في السوق المالي في دبي، تؤكد رباب محمد علي، أن مستثمرين كثراً يرتاحون بالتعامل مع المرأة أكثر في هذا المجال، موضحة: «المستثمرون يهمهم الربح بالدرجة الأولى، لذا هم يلمسون جيداً مدى حذرنا وسعينا لخدمتهم أولاً بأول وبالأسلوب الذي يرتاحون له. نحن نجتهد في السوق لنقدم مستوى خدمات يحاكي تطلعات المستثمرين، وشخصياً أحاول أن أقدم صورة إيجابية ومثالية عن الأنثى، التي تعمل في هذا الميدان، لاسيما أنني أعمل في قسم شؤون خدمة العملاء، قطاع التقاص والتسوية والإيداع».


الأسلوب المناسب
تقول سارة غانم إنها درست العلاقات العامة، ولكنها قبل دخول سوق المال عملت في مجال الوساطة المالي في شركات خاصة، مما حفزها على الإصرار على متابعة مسيرتها المهنية في المضمار عينه، إذ تعمل منذ 11 عاماً في قسم خدمة العملاء وفتح حسابات المستثمرين، وتضيف: «هناك أنواع من المستثمرين، منهم العصبي والمزاجي والهادئ، وكل منا يتعامل مع كل شخصية بالأسلوب المناسب، وفقاً لتدريبات خضعنا لها، تعلمنا منها كيفية التعامل مع مختلف نماذج المستثمرين، وهو أمر أساسي لبيئة عمل سليمة وصحية. ومن المعروف عن المرأة تميزها بقدرتها على القيام بأكثر من عمل في وقت واحد، وبكونها دقيقة جداً في كل ما تفعله، وهو ما أنطلق منه لأقول إن الموظفات في القسم الذي أعمل فيه نجحن في الاستحواذ على ثقة العملاء». 

سيدة قرار
تجربة سيدة أخرى في السوق المالي، تتكلم عنها أفراح عبد الرحمن بحماسة شديدة، قائلة: «تخرجت بشهادة إدارة الأعمال والتسويق، وخلال دراستي الجامعية اخترت التدرب في السوق المالي فأحببت العمل فيه، ومضى 15 عاماً منذ انضمامي إليه». وأسوة بزميلاتها، تستند أفراح إلى تجربتها العملية الطويلة، لتلاحظ: «يجب أن تكون المرأة التي تعمل في عالم المال سيدة قرار، تتقن تذليل الصعوبات التي يمكن أن تعترضها أكثر من مرة يومياً، وأقصد صعوبة التعامل مع طبيعة ظروف السوق المتغيرة، ونماذج المستثمرين ومشكلاتهم. معايير أجادتها كل موظفة فقربتها من المستثمر». وبعفوية تتابع أفراح حديثها وتبوح: «ما يساعد في عملنا، هو التعاون مع فريق محترف أشبه بأسرة متراصة، حيث يساند كل فرد فيه الفرد الآخر، وقد يكون هذا الواقع أكثر ما أحبه في عملي وأكثر ما يحفزني على التميز والتقدم». من جهة ثانية لا تخفي أفراح التطور الذي تعيشه على الصعيد الشخصي، وتقول: «عالم المال لم يعد غريباً عني، وعملي رفع من ثقتي بنفسي وجعلني أكثر اجتماعية عن ذي قبل، وكل يوم يمر يعلمني كيف أكون أكثر ولاء للمكان الذي أنتمي إليه وأرى طموحي المهني فيه».

روح المغامرة
عفراء الخزرجي، هي الأخرى متخصصة في إدارة الأعمال والتمويل، تستهل حديثها عن تجربتها بالقول: «طمحت دائماً إلى العمل في مجال المال والاستثمار، وقدر لي أن أدير المشاريع بقسم شؤون العملاء في السوق المالي، مع تنفيذ خطط التطوير السنوية للأقسام الداخلية، مما يعني أنني في مواجهة تحدٍّ يومي طيلة العام». وتستمر في الإطار عينه لافتة: «اكتسبت خبرة كبيرة في وظيفتي لأن السوق يواكب باستمرار رؤية دبي الذكية، وعليّ من جهتي أن أساعد الموظف على التأقلم مع متطلبات التطور المطلوب». وتنتقل عفراء لتتحدث عن نجاح المرأة في السوق المالي، قائلة: «يفترض أن ينظر إلى مهارات المرأة وإنجازاتها، لا التعامل معها على أساس جنسها. هي مثل الرجل تماماً، قادرة على التعامل مع الأرقام مثلما هي قادرة على التعامل والنجاح في كل المجالات من دون استثناء، وهذا ما تعلمناه من قيادتنا الرشيدة ومنذ كنا على مقاعد الدراسة». وتضيف: «تملك كل فتاة روح المغامرة بداخلها، وقد أثبت الإماراتية في السنوات الخمس الأخيرة، قوة شخصيتها وآمنت بقدراتها وغيرت من نظرة العالم كله إليها، وهي اليوم تشارك الرجل في الطموح لمستقبل مزدهر، في مجتمع فتح لها أبواب النجاح».

سوق متحرك
في تعليقه على عمل المرأة في السوق المالي، يرتكز المستثمر سامر البرهان على تجربته الخاصة، ليقول: «تتفاوت تجارب المستثمرين مع سيدات السوق المالي بين الممتازة والجيدة والمخيبة للآمال في بعض الأحيان، وهو أمر أرى أنه غير منصف للمرأة بشكل عام، لأن الأمر عينه قد يحصل عند التعامل مع الموظفين الرجال في السوق، وقد تكون النتيجة سيئة جداً أيضاً، وذلك لأن السوق وببساطة شديدة، متحرك وشروطه لا تنطبق على شروط أي مهنة أخرى». ويتابع: «على الصعيد الشخصي، تعاملت مع سيدات كثيرات في السوق وأثبتن جدارتهن في التعامل مع الأرقام، إنما أستطيع أن أقول إنهن يتميزن بكونهن أكثر حذراً من الرجال وأقل مغامرة، ويتقن إدخال العميل في استثمارات مضمونة ومفيدة».

لا فرق
يشير المحلل الاقتصادي أيمن خلف إلى أنه «لا فرق بين الرجل والمرأة في مسألة التعامل مع الأرقام في السوق المالي»، ويضيف: «لا توجد دراسة علمية تثبت أن الرجل أقدر على التعامل مع الأرقام من المرأة، والواقع الذي نتابعه في السوق المالي يؤكد ذلك، بل يشير بوضوح إلى نجاح المرأة في هذا المضمار وفي أحيان كثيرة إلى حد التميز». وعن الثقة بالمرأة في هذا المجال، يقول: «لم أصادف شخصاً زعم أنه لا يثق بالمرأة التي تعمل في السوق. لو وجدنا من يسلم بهذه الذهنية، فربما لأنه تقليدي ومستسلم لزمن غابر، ولم يعاصر تطور المرأة في سوق العمل على اختلاف مجالاته».