جميل أن يعيد لنا محرك البحث "غوغل" الذاكرة لفنانة لها حضورها الخاص، وصوتها العالق بالذاكرة، نعم إنها الذكرى الـ98 لميلاد الراحلة عفيفة اسكندر الذي مضى محملاً بأعمال كثيرة لشحرورة العراق التي تملك في رصيدها الفني أكثر من 1500 أغنية.
بدأت مسيرتها الفنية في ثلاثينات القرن الماضي، ونتاجاتها اللاحقة تركت بصمة حقيقة في عالم الفن، ولدت في الموصل 10 ديسمبر 1921 من أب عراقي مسيحي وأم يونانية، وعاشت في بغداد حيث كبرت مع الفن، غنت في عمر خمس سنوات وكانت أول حفلة أحيتها في عام 1935، وكانوا يُسمونها (جابركلي) أي المسدس سريع الطلقات، وأتت هذه التسمية من صفة الغناء الذي أدته حيث كان غناء سريعاً نتيجة لصغر سنها وعدم نضوج صوتها آنذاك. وأول أغنية غنتها في أربيل كانت بعنوان (زنوبة) وهي بعمر 8 سنوات، وأطلقوا عليها ألقاب عديدة أبرزها شحرورة العراق وفاتنة بغداد كما لقبت بالمونولجست من "المجمع العربي الموسيقى" لإجادتها ألوان الغناء والمقامات العراقية.
نشأت في عائلة تهوى الثقافة والفن، وكانت والدتها التي تعزف على أربع آلات موسيقية المشجع الأول لها وكانت تنصحها دوماً أن الغرور هو مقبرة الفنان. تزوجت عفيفة في سن الـ12 من رجل عراقي أرمني خمسيني يدعى "إسكندر اصطفيان" وهو عازف وفنان ومنه أخذت لقب إسكندر.
أثمرت تجربة عفيفة عن الكثير من الأعمال، فقد غنت المونولوج بلغات عدة، التركية والفرنسية والألمانية والإنجليزية، وسافرت إلى القاهرة عام 1938 حيث عملت مع فرقة بديعة مصابني وهي أشهر راقصة وممثلة مصرية في الأربعينيات، بعدها عملت مع فرقة تحية كاريوكا. وشاركت في العديد من الأفلام ومنها فيلم (يوم سعيد) مع محمد عبد الوهاب وفاتن حمامة، ومثلت في أفلام أخرى في لبنان وسوريا ومصر أبرزها "القاهرة ـ بغداد" وفيلم "ليلى في العراق"، وكانت مشاركتها الأخيرة في الدراما بعمر التسعين قبل وفاتها بعام من خلال مسلسل "فاتنة بغداد" الذي عرض عام 2011.
كانت طريقتها في الأداء لها بصمة خاصة، فقد اعتبرت المغنية الأولى بالعصر الملكي وأعجب بصوتها وفنها كبار المسؤولين في العراق، وأسست صالون "عفيفة إسكندر" الذي ضم أبرز رجالات السياسة والأدب والفن والثقافة ومنهم نوري سعيد وفائق السامرائي.