لطالما كان حضور المرأة الإبداعي خجولاً في مجال الكاريكاتير، حيث سيطر الجانب الذكوري على عالم الفن الساخر، لكن مبدعات عربيات هن: الإماراتية آمنة الحمادي، والسعودية منال الرسيني، والمصرية رشا مهدي، قدمن تجربة شديدة التوهج، خضن غمار دهاليزه المشاغبة، وطوعن ريشاتهن للنقد اللاذع، تاركات ردود أفعال متباينة، فانتزعن من خلال رسوماتهن ضحك ودموع كثيرين، وأثرن حفيظة البعض، لكن بالتأكيد أوصلن الفكرة للجميع. «زهرة الخليج» تفتح بياض صفحاتها لهن، ليرسمن أفكارهن وتطلعاتهن وسخريتهن البناءة.
رسامة الوطن
تشير الفنانة الإماراتية آمنة الحمادي إلى أنها ترسم الكاريكاتير منذ صغرها، وصقلت موهبتها أثناء الدراسة الثانوية، ومن ثم نقلت هموم زميلاتها في مرحلة الجامعة من خلال رسوماتها الساخرة. تضيء آمنة على جوانب تجربتها قائلة: «مع تطور دولتنا وتشجيع القيادة للمواطنين للتميز في شتى مناحي الحياة، اتجهت إلى الكاريكاتير، ونقل صورة واقعية عن الإمارات حتى تشرفت بلقب رسامة الوطن، لمساهماتي في دعم اتجاهات الدولة الإنساني والحضاري، وأيضاً في إبراز قضايا الإمارات العادلة».
تجد الحمادي أن فن الكاريكاتير ورسوماته يختزلان كتباً ومقالات من الأحداث، موضحة: «الكاريكاتير لغة عالمية ومؤثرة، تصل بسهولة إلى مختلف أطياف المجتمع، وهو فن مشاكس جداً ويتعرض فيه الفنان للهجوم والنقد الجارح، وقد يصل للهجوم الشخصي مثلما تعرضت له في أحد المعارض، وعموماً هو فن يحتاج لجرأة وعمق في الطرح». لذلك تجد آمنة أن النساء اللائي طرقن هذا المجال قليلات، مقارنة بالرجال الذين يحتكرون الريشة الساخرة.
تشعر آمنة بالرضا من عطائها في هذا المجال، بسبب توقيع اسمها بحروف ثابتة في قائمة المبدعات في فن الكاريكاتير في الإمارات والعالم العربي، وتطمح إلى انضمام أخريات من بنات جنسها لممارسة هذا الفن، قائلة: «تنشر أعمالي في كثير من المواقع العربية المميزة، وفي «السوشيال ميديا»، كما نشرت لي بعض الأعمال في صحف مصرية مثل أخبار اليوم، وآمل أن تنخرط مبدعات من رسامات الكاريكاتير بشكل منتظم في هذا المجال».
استغلال الفرص
تشير الرسامة السعودية منال الرسيني إلى أن مشوارها في عالم فن الكاركتير، الذي بدأته متكئة على شغفها وموهبتها، لم يخلُ من المطبات والعراقيل، موضحة: «كأي رسام لا بد أن يواجه صعوبة في بداية مشواره، فقد قابلتني بعض التحديات وبحثت عن إجابات لتساؤلاتي عن كل الأمور المتعلقة بالرسم والكاريكاتير، لا سيما في ظل عدم وجود معاهد وأقسام أكاديمية تدرس هذا الفن، وقلة الكتب في المكتبات وندرة الدروس، إلا أن منصات التواصل الاجتماعي، كانت سبيلي في التغلب على هذه العوائق، فتخطيت الصعوبات بمجهود ذاتي كبير عبر التعلم من أخطائي، وبالممارسة والاطلاع على مبادئ رسم الكاريكاتير، طورت أعمالي عن طريق توظيف التكنولوجيا الحديثة في رسوماتي».
لا ترى منال أن إقصاء النساء من مجال الرسم الكاريكاتيري، أمر متعمد، مضيفة: «هي إشكالية عربية واسعة النطاق، إذ لا يزال عدد رسامات الكاريكاتير العربيات البارزات لا يتجاوز أصابع اليد، وذلك بسبب عدم قدرة الكثيرات منهن على استغلال الفرص المناسبة للمرأة في ظل قلة الصحف الورقية اليوم، مقارنة بأسماء الرسامين الرجال. نحن نسمع كثيراً عن أسماء رسامات، ولكن خارج إطار فن الكاريكاتير، فقد يبدعن في رسم الكارتون تحت مسمى كاريكاتير، لكن في اعتقادي أن بعض الرسومات لا تنتمي أبداً لفن الكاريكاتير».
وعن ما ينقص الرسامات كي يصبحن كاريكاتيريات، تجيب منال: «يحتجن أكثر إلى الثقة بقدراتهن، ومن ثم الحضور والبروز وإثبات وجودهن، بداية بالمشاركات الجماعية ومن خلال منصات التواصل الاجتماعي، أو عبر عرضها على أي جهة للعمل معها، وينقص هذا الفن رسامات حقيقيات يوصلن الصوت ويناقشن القضايا من خلال أعمالهن».
تقاليد وتابوهات
عن تجربتها الشخصية، تقول أول رسامة مصرية للكاريكاتير في مصر رشا مهدي، إن علاقتها بالمجال بدأت في طفولتها المبكرة، مضيفة: «تخرجت في كلية الفنون الجميلة، وكانت فرصة جيدة لدراسة الشخصية الكاريكاتيرية التي تنشر في الصحف، والتي استهوتني كثيراً فصقلت موهبتي بالدراسة الأكاديمية. عندما عملت في المجال، لم تكن هناك ريشة نسائية في مشهد الرسم الكاريكاتيري، وكانت فرصة لي لتعريف الناس بأعمالي، بعد ذلك أنشأت موقعاً خاصاً لرسوماتي كأول امرأة في مصر، فكان نافذتي للعالم العربي واعتبرتها نقلة مهمة في حياتي المهنية، إذ بدأت بعدها الاحتراف والتخصص».
قلة أسماء الرسامات الإناث في هذا المجال، تفسرها رشا بالقول: «لفن الكاريكاتير مدارس عدة، الساخر والضاحك والناقد وغيرها، لكن الحقيقة أن الرسامات يفضلن طرق الجوانب الناعمة منه، خوفاً من تقاليد المجتمع وتابوهاته».
وعن تعاملها مع هذا الواقع، تبين رشا: «لكوني امرأة، فالخطوط الحمراء شكلت صراعاً داخلياً بين ضرورة مراعاة النظرة المجتمعية وشخصية الفنان الحر بداخلي، لكن مضيت في طريقي وأعتبر أن تجربتي ناجحة».
رشا مهدي
نُشرت رسومات الرسامة المصرية رشا مهدي في الصحف والمجلات والمواقع الشهيرة في مصر والكويت والبحرين والأردن والمملكة المتحدة. وكذلك شاركت في العديد من المعارض في مصر والمغرب والكويت والأردن وسوريا ولبنان والإمارات وفرنسا.
منال الرسيني
بدأت الرسامة السعودية منال الرسيني، رحلتها في مجال الفن الساخر منذ عام 2004 كهواية في «صحيفة الجزيرة السعودية»، ثم عرضت رسوماتها في عدة منصات اجتماعية، وشاركت في العديد من المعارض المحلية والدولية، مثل ملتقى الكاريكاتير في القاهرة، ومهرجان ألوان الربيع في القصيم، كما حصلت على جائزة الرسام المحترف في «مسابقة المفتاحة».
آمنة الحمادي
شاركت الرسامة الإماراتية آمنة الحمادي في معارض فنية عديدة محلياً ودولياً من بينها: معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2014، معرض التسامح العالمي في مصر، معرض شخصيات وملامح في الهند، والملتقى الدولي الأول للكاريكاتير في مصر. فازت أعمال عديدة لها بجوائز في معارض دولية ولديها عدد من شهادات التقدير.