عبد الله الحميري
السينما، كما تبدو للكثير، هي الخيار الأول للاستمتاع والترفيه في عطلة نهاية الأسبوع، ولكنها أكبر بكثير من ذلك، والمدهش أنها استطاعت في كثير من البلدان والمجتمعات أن تكون جزءاً لا يتجزأ من الإرث الفني والثقافي لها، ومن الإنجازات التي يتم التفاخر بها وبعالميتها.
ولكن يجب أن ننتبه إلى التمييز بين الغث والسمين في هذه الإنجازات الغزيرة، وذلك لما تشكله السينما من خطر على الذائقة العامة والفكر الثقافي، وقد تكون الأفلام التي يتم إنتاجها مؤخراً (وبكثرة)، والتي تحرص على ضمان العائد المالي، هي السبب في أن السينما الحقيقية محصورة للمهرجانات ولا تصل إلى الجميع.
فكما هو معروف أن المنحوتات واللوحات والكتب والموسيقى، هي العاكس للحضارة التي ينتمي إليها الفنان، فإن السينما جاءت لتجمع هذا كله وتكون في صدارة ذلك والخيار الأمثل لاستطاعتها في أن تشمل كل الفنون تحت غطاء واحد.
يكفي أن يصف الروائي العالمي غابرييل غارسيا ماركيز السينما بأنها (أعظم اختراع عرفه عصرنا)، لذلك فإن معظم الدول المتقدمة والكبرى تحرص على دعم السينمائيين، سواءً بالموارد المالية أو اللوجستية كتنظيم المهرجانات والفعاليات، لكي تكون الأعمال السينمائية الصورة العاكسة للمجتمع وثقافته وعاداته وتقاليده، ومشاركة العالم قصصه الإنسانية والملهمة في المهرجانات ودور السينما.
السينما فن واسع الأفق، وقد يستغرب البعض أن يفوز مثلاً فيلم غنائي كفيلم (Chicago) بجوائز عريقة وكبيرة كجائزة الأوسكار لأفضل فيلم، أو أن يكون هناك نص مرعب أو كوميدي، ويفوز بالأوسكار لأجمل نص سينمائي. وقد فعلها الفيلم المرعب جداً (Get Out) والمضحك جداً (Little Miss Sunshine).
إذاً فماذا يميز هذه الأفلام عن الباقي؟ إنه العمق في القصة والصدق في الصناعة، من دون مجاملة أو (دهان السير)، ومن دون البحث عما يحرك الجيوب، وإنما ما يحرك العقل والمشاعر ويجبرها على التفكير والتأمل.
وقد تكون هذه رسالة مبطنة لبعض التجار (وليس للمبدعين منهم)، في أن يتركوا للخباز خبزه، وأن يرحبوا بالجديد والمختلف ويتبنوه من دون أن يشوهوه بالتعديلات والإضافات التافهة، ومن دون الإجبار بأخذ المشهور فلان والإعلامي علان.
وهناك مثل قديم (لا يغرك رخصه ترمي نصه).