منذ رشح المنتج والكاتب الراحل ممدوح الليثي، الفنان توفيق عبد الحميد، في أول عمل تلفزيوني له «الوليمة» عام 1980، مع عدد من عمالقة الفن، منهم: تحية كاريوكا وعماد حمدي وكريمة مختار، حتى أخلص توفيق لفنه وجمهوره، فأحبوه واحترموه، بالنظر للقيمة الفنية التي كان يحرص على تقديمها في أعماله، حتى غاب بعدها عن الساحة الفنية لسنوات، إلى أن عاد وتم تكريمه مؤخراً في حفل افتتاح «مهرجان المسرح القومي» فاستقبله الجمهور بحفاوة وحب شديدين، وفي حواره مع «زهرة الخليج» يبوح بآرائه وأفكاره ويكشف سبب غيابه.
• عدت لجمهورك بعد غياب من خلال تكريمك في حفل افتتاح «مهرجان المسرح القومي»، ولكنك عدت للاختفاء.. لماذا؟
كنت سعيداً بكم الحفاوة والحب اللذين وجدتهما من الناس، عندما ظهرت في حفل الافتتاح بعد غياب، الأمر الذي جعلني لا أريد أن أظهر كثيراً وأن أبتعد قليلاً، ليظل هذا الحب والاشتياق قائمين، وهذا أول سبب. أما الثاني، بالفعل تلقيت دعوة من صديقي الفنان أحمد عبد العزيز، مدير المهرجان، لكن حالتي الصحية تمنع تحركي بمفردي، وكنت مرهقاً من المجهود الذي بذلته في حفل الافتتاح.
• هل هذا الحب ما جعلك تبكي أثناء التكريم؟
طبعاً حب الناس وحفاوتهم للفنان بعد غياب هما أكثر الأشياء التي تدل على أنك لم تضع مشوارك الفني هباءً، وأنك بالفعل قدمت أعمالاً أحبها الجمهور واحترمها.
حالة حب
• ما السبب في ابتعادك عن الساحة الفنية وهل تعرضت للظلم؟
نقطة مهمة يجب أن أفسرها وأوضحها هي أن التمثيل بالنسبة لي حالة استمتاع، فالفن والتمثيل بالنسبة لي مثل حالة الحب فإما حب أو لا حب، ومن وجهة نظري، حتى يبدع الممثل يحتاج حالة جماعية، فهو يختلف عن الشاعر والنحات والرسام الذي ينفعل فيبدع، ولكن الإبداع لدى الممثل مرتبط برؤية كاملة مثل فريق العمل، المخرج، الأوركسترا، رأس المال، وضرورة وجود حالة الهارموني بين كل هذه العوامل. وأريد أن أؤكد أنني توقفت عن الفن بإرادتي بعد أن قدمت مسلسل «سي عمر وليلى أفندي» عام 2010، رغم أنني كنت أتلقى عروضاً للتمثيل لا تتوقف كل عام، ولكني كنت أرفضها.
• هل رفضتها جميعها؟
الدور الوحيد الذي نال إعجابي وكان يمكن أن يعيدني للشاشة، عرضه عليّ المنتج جمال العدل من تأليف شقيقه مدحت، لكن حال بيني وبين هذا الدور، إصابتي منذ عامين بانزلاق غضروفي منعني من قبول الدور الذي ذهب لممثل آخر. فإصابتي بالانزلاق الغضروفي جعلت الحركة والجلوس والوقوف ومتطلبات العمل الفني تشكل لي مشقة كبيرة، وآلاماً لا أستطيع تحملها.
• ولماذا رفضت باقي الأدوار؟
بعضها لم أجد نفسي فيه، وبعضها أدركت أنها لن تكون كما أريد، لأن مشكلة العملية الإبداعية الجماعية أنها تحتاج حالة توافق وتناغم بين الفرد والمجموعة.
• كنت رئيسا للبيت القومي للمسرح أكثر من مرة، حدثنا عن ذكرياتك عن هذه الفترة؟
كنت مرة مديراً للمسرح القومي ورئيساً للبيت الفني للمسرح، ومرة كنت رئيساً لقطاع الإنتاج الثقافي بالمسرح، وقتها كان عندي حلم ومعركة خضتها عندما توليت المنصب، وهي ألا يضطر الموهوبون للبقاء مثلي فترات طويلة في عنق الزجاجة، وألا يعاني شباب الممثلين مما عانيته، حتى نثري الحركة الفنية، خاصة أن لدينا مواهب تعادل المواهب العالمية، ولكنها لا توضع في المناخ المناسب، ولكن الظروف لم تساندني وقتها.. فقررت الانسحاب.
عاشق للمسرح
• عملت بالمسرح والتلفزيون، أيهما الأقرب إلى قلبك؟
أعشق المسرح منذ بداياتي بالمدرسة الثانوية، حيث كان عندنا مدير مدرسة عاشق للفنون، وقد عُينت في المسرح الحديث قبل أن أنهي دراستي بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وبعدها مثلت في مسرحية «رابعة العدوية» و«مجنون ليلى» على المسرح القومي، فطلبت سميحة أيوب انتدابي وتدرجت حتى أصبحت مديراً للمسرح القومي، وخلال 20 عاماً لم يكن أمامي متنفس إلا المسرح.
• ما الشخصيات التي تمنيت أن تجسدها؟
شخصية «حسن أرابيسك» في الدراما و«الملك لير» و«ماكبث» في المسرح، لثراء هذه الشخصيات وتنوعها، رغم أنني أعجبت جداً بأداء الفنانين صلاح السعدني ويحيى الفخراني في هذه الأدوار.
أزمة نصوص
• ما سر تأخر الدراما التاريخية من وجهة نظرك خلال السنوات الماضية؟
للأسف أصبحت عندنا أزمة نصوص، خاصة بعد اختفاء مجموعة الأسماء الكبيرة في الدراما الاجتماعية والتاريخية، مثل أسامة أنور عكاشة ومحمد جلال عبد القوي ومحمد صفاء عامر ومحسن زايد ومحفوظ عبد الرحمن وكرم النجار، ولكن أتمنى خلال الفترة المقبلة، الاهتمام بهذه النوعية من الدراما التي نحتاجها جداً.
• كانت لك تجربة مميزة في السينما قبل ابتعادك عن الساحة مع الفنان حمادة هلال، ماذا عنها؟
للأسف (مليش حظ) في السينما، وبالنسبة لفيلم «حلم العمر» كنت قد رفضت المشاركة فيه لمجرد علمي أن أحداثه عن رياضة الملاكمة، فأنا لم أكن أعرف شيئاً عن هذه الرياضة فكيف سأظهر في الفيلم مدرباً، وعندما علمت أن المطرب حمادة هلال سيقدم البطولة ازداد رفضي للفيلم، لأنه مطرب يقدم الأغاني الرومانسية والعاطفية وملامحه لا تصلح أن يكون لاعباً عنيفاً في رياضة الملاكمة، فاعتذرت للشركة المنتجة، لكنها أصرت على اختياري وطلبت مني الانتظار وعدم التسرع. بعد ذلك فوجئت بالمطرب حمادة هلال يخضع لبرنامج مكثف لبناء عضلات جسمه، وبالفعل تغيرت هيئته تماماً وظهرت علامات القسوة والصرامة على وجهه، لذا اقتنعت تماماً بالأمر، وقررت العمل بالفيلم، خاصة بعد الجلسات التي عقدها معي المخرج وائل إحسان.