أنيقة العقل، باهرة الحضور، وعابقة كالسحر من الوهلة الأولى، عبثاً نحاول التقاط جاذبية صاحبة السمو الملكي الأميرة لمياء بنت ماجد آل سعود، الأمين العام في «مؤسسة الوليد للإنسانية»، وهي التي اكتشفت في طفولتها، بالصدفة، أنها «أميرة» لكنها لم تتشبث بالامتيازات، وحلقت في عصامية بأجنحة أحلامها منفردة، واضعة بصماتها كرائدة في تمكين المرأة والشباب في بلدها السعودية و«عرابة للأعمال الخيرية» في أنحاء العالم، وكملهمة للنساء الباحثات عن الحب والخير والجمال.
تحرص دائماً على مشاركة الناس ومساعدتهم، فاستخدمت مكانتها واستغلت شهرتها لتغيير حياة الملايين منهم. حكت لأول مرة، ومن دون مواربة، عن الشيء الذي كان يشعرها بالإغماء، وكيف تحول إلى رواية جريئة ترسخ لمفاهيم الحقوق والمشاركة، وعن حرصها على تربية بناتها ليشعرن بالانسجام والحب مع الكون، مجموعة من المصادفات لعبت دورها في صياغة أقدارها، لكنها تابعت شغفها بلا تردد وبرؤية عصرية ومنفتحة.
في حوارنا معها تجلت الأميرة لمياء بكامل إنسانيتها، لتكشف عن قلب طفلة عنيدة صاحبة أفكار تضيء الذاكرة وتشعل المكان.. ضحكت بعفوية، سخرت بمرح، سردت أحلامها بجدية ولم تغلق باب أحزانها عن دمعة فرت لذكرى عزيز.. روت تجربتها وأسرارها في الحياة، العمل والعطاء بصراحة وبساطة وشفافية، فتساقينا من نبع حديثها الشيق نعتصر نشوة الإجابات ولا نرتوي. وهنا تفاصيل الحوار:
• ما أحب الألقاب إلى نفسك: سمو الأميرة، الكاتبة أم سيدة المشاريع الإنسانية الملهمة؟
- «الأم» هو اللقب الذي يعجبني وأعتبر أن أكبر إنجاز للمرء أن ينجح في تربية أطفاله، وحتى عملي في المجال الإنساني يقوم على هذه الفكرة، توفير حياة أفضل للناس ولأجيالهم القادمة، وأن يقال إني أم ناجحة هو مصدر فخر وإحساس بالنجاح لا يعادله شيء.
• ما أهم المحطات في مسيرتك الحياتية.. أحزنها، وأسعدها؟
- لا أتوقف عند محطة واحدة فكل موقف في حياتي مهم وحيوي بالنسبة لي أتعلم منه وآخذ الأمل للمضي قدماً، لكن أقسى وأكثر المحطات إيلاماً بالنسبة لي هو فقداني شقيقي، فقد كان سندي، علمني هذا الفراق الكثير. أما أجمل المحطات على الإطلاق فهي عندما سمعت كلمة «ماما» لأول مرة، وكل لحظاتي السعيدة والجميلة مرتبطة بأمومتي.
• كيف تصفين علاقتك مع ابنتيك؟ وما أبرز القيم التي أردت لهما اكتسابها؟
- ما بيني وبين «سما» و«هلا» (10 و7) أعوام، رابطة صداقة، فدائماً ما أقول لهما اعتبراني ?80 صديقة و ?20 أماً، قضيت معظم طفولتي بين مصر والسعودية وتربيت مع بنات خالاتي وعندما جلست للامتحان في الصف السادس وجدت لقبي أميرة مكتوباً في ورقي الرسمي في «ديسك» الامتحان، واعتقدت أن اسمي مركب، ذهبت لأمي لأسالها من أميرة، فقد أعجبني، أجابتني: «أنت الأميرة»، لم أكن أستوعب أني من الأسرة السعودية الحاكمة على الرغم من دراستي لتاريخ المملكة في السعودية، لم تتم تربيتي على أنني شخص مختلف ولم أكن أعرف الفرق بيني وبين أي أحد، هذا ما علمته لبنتيّ أن تكونا مصدراً للعطاء، فهما ليستا أميرتين لكنهما «ملكتا قلبي».
خلف الأسوار
• كيف هي الحياة الأسرية خلف أسوار القصر؟
- قد يكون الكثير من الروايات التي يسمعها البعض في هذا الشأن صحيحاً، فهناك من يعشن حياة أسطورية ومترفة ولا يعرف عنها أحد شيئاً لكن هذا النمط كان سائداً في الماضي، الآن الأغلبية منهن يمارسن حياة طبيعية، وقد تجدهن يجلن في الأسواق والأماكن العامة ولا يدري أحد هويتهن الحقيقية، فهن كغيرهن من الفتيات لديهن هموم وطموحات وأحلام، فليس بيد المرء أن يولد أميراً، بل هو تكليف يحمل في طياته كثيراً من المسؤوليات.
• ما نوع الصعوبات والتحديات التي يمكن أن تواجه أميرة لديها كل شيء تقريباً؟
- نعم عندي كل شيء، واسمي يفتح لي الأبواب المغلقة، لكن اسمي هو نفسه يسبب لي الكثير من العقبات أمام كل شيء، فعندما كنت في إدارة المجلة في 2002 لم أطلب خدمة إلا وتضاعفت الأرقام مقابلها، وفي الوقت نفسه اسمي بصفته أميرة سعودية على رأس المجلة كان يجعل البعض يهابون الفكرة فيمتنعون عن المبادرة بالعمل معي. فقد صعب اسمي وصولي للنجاح خصوصاً في البدايات.
شهادة مزورة
• درست سنوات عدة لتحصلي في النهاية على شهادة مزورة، حدثينا عن التحدي والقدرة على المواصلة في قاموس حياتك من خلال هذا الموقف؟
- ما حدث هو أنني أعشق الإعلام فأنا «مجنونة به»، لذا فكرت في دراسته، ولأن أخي سعود لم يؤيد ذهابي إلى جامعة مختلطة سجلت بإحدى الجامعات «أون لاين» وقضيت ثلاثة أعوام في التحصيل والمذاكرة والامتحانات، وعندما سافرت إلى أميركا لدراسة الماجستير فوجئت بأن شهادتي مزورة والجامعة غير معترف بها، صدمت وأصبت بالاكتئاب، لكن استنهضت عزيمتي وعنادي وعدت لأدرس من جديد.
• عاشت المرأة السعودية لفترات طويلة في «عالم سري» لا يعلم عنها الكثير شيئاً غير النقاب والانفصال تماماً عن مجتمع الرجال، برأيك كيف تغيرت هذه الصورة الآن؟
- كان هناك تعتيم على المرأة السعودية، مثلاً أنا كنت أعمل في مجال الإعلام منذ 2002 وأنشأت مجلة «روتانا» ولكن أحداً لم يكن يعرف صورتي، لم يكن وجهي معروفاً حتى لدى المصورين الذين كانوا يعملون معي، ولا يعرفون هويتي، لقد تربينا على الخوف من الإعلام وذلك بسبب كثرة الروايات الخيالية وغير الصحيحة التي طالما كان ينسجها الإعلام وغيره عن الأميرات السعوديات والصورة التي روجها عنهن لم تكن منصفة، كنا نخشى الإعلام لأنه وضع عنا تصوراً مسبقاً، ولم تكن لدينا حينها منصات إعلامية تظهر الواقع.
اقرؤوا الحوار كاملاً في عدد زهرة الخليج المتوفر الآن في الأسواق