الحب علمياً حالة عصبية قوية جداً مثل الجوع أو العطش، يفرز فيها الدماغ خليطاً من هرمونات السعادة والترابط والتعلق، وبقدر ما يكون لهذه الهرمونات دور إيجابي أثناء العلاقة، يكون دورها ضاراً عند الانفصال، أو استمرارها بطريقة مؤذية لأحد الطرفين أو كليهما. وقد تناول علماء مشاعر الحب بالبحث العلمي، وأجمعت النتائج على أنها عملية كيميائية تتم داخل المخ، تنعكس على الصحة الجسدية، النفسية، والاجتماعية. هنا نستعرض عدداً من الحقائق العلمية عن مشاعر الحب.
• التسبب في أزمة قلبية:
وجد الباحثون أنه حينما ينظر الناس حديثو الانفصال إلى صور أحبائهم السابقين، تنشط مناطق دماغية مترافقة مع الوجع وإدمان العقاقير أو التبغ أو الكحول، وهذا الأمر يمكن أن يقتل صاحبه، فمن أخطر أعراض الانسحاب في فترة الانفصال وما بعدها أو فقد أحد الأحباب، إفراز الجسم مواد كيميائية تُـضعف القلب، يمكنها أن تسبب أزمة قلبية، قد تتطور لحالة تسمى متلازمة القلب الكسير broken heart syndrome.
• مُسكّن قوي وطبيعي:
تقول الدراسات إن القرب من الشخص الذي تحبه، والإحساس بالأمان لوجوده حولك، يعتبران علاجاً قوياً إلى حد كبير للأوجاع والآلام العارضة، كالصداع مثلاً، ويعود ذلك لإفراز الجسم لهرمون الأوكسيتوسين المسكن القوي والطبيعي.
وأكدت دراسة أن الشخص الذي يفارق حبيبه يشعر بآلام جسدية كثيرة نتيجة الصدمة التي تعرض لها، في المقابل فإن تأثير الوقوع في حب شخص ما، يشبه التأثير الناتج عن تعاطي الكوكايين، إذ يفرز الجسم مواد تحفز 12 منطقة في الدماغ تشعر بالسعادة.
• يقلّل الإنتاجية والأصدقاء:
أثبتت دراسة علمية قامت بها جامعة ليدن وجامعة ميريلاند، أن الوقوع في الحب يؤثر في تركيزك وأدائك لعملك ويجعلك أقل إنتاجاً، فهو لا يختلف عن الإصابة بمرض الوسواس القهري؛ إذ يفقد المُحب في المراحل الأولى الكثير من السيطرة على أفكاره ودماغه، ويصبح مهووساً بهذا الشخص الجديد، ولا يشغله إلا التركيز على كل أخباره وأفعاله، فيفقد التحكم في القدرات الإدراكية، الأمر الذي يقلّل من إنتاجيته العملية، ويؤثر في علاقاته الأخرى.
• الحب الحقيقي موجود بالفعل:
اكتشف علماء أمريكيون أن الحب الحقيقي الذي يدوم إلى الأبد، ولا يتضاءل مع مرور الزمن موجود بالفعل، حيث أكدت نتائج دراسة أجراها علماء في جامعة ستوني بروك في مدينة نيويورك الأميركية، قاموا فيها بتصوير مقطعي لأدمغة أزواج حديثي الارتباط، وآخرين تجاوز عمر علاقتهم العشرين عاماً، أنّ عدداً منهم أبدى بعد سنوات طويلة على الزواج استجابات عاطفية مماثلة لاستجابات الأزواج حديثي الارتباط.
• يتحوّل من شكل إلى آخر:
من روما بلد أشهر المحبين، روميو وجولييت، خلصت إحدى الدراسات العلمية إلى أنّ الحب الرومانسي المتّقد لا يدوم لأكثر من عام واحد، ثم يتلاشى، وتخفت جذوته ويتحول إلى نوع آخر مستقر وعميق، مبني على العشرة. والتفسير العلمي لهذه النتائج، وفق باحثين بجامعة بافيا، يشير إلى أن كيمياء المخ قد تكون مسؤولة عن شرارة الحب الأولى وارتفاع معدلات بروتين معين، يطلق عليه «نيروتروفينز»، له علاقة بمشاعر النشوة، يكون مرتفعاً لدى بدء العلاقة، في حين يتراجع إلى المعدل الطبيعي بعد مرور عام والاطمئنان لقرب الشريك ووجوده، وهذا يعني استقرار مشاعر الحب لا موتها.
• القلوب على أشكالها تقع:
يميل الناس للانجذاب إلى الأشخاص الذين يمتلكون ملامح الوجه ولون الشعر ولون العينين نفسها، كما ينجذب الشخص لمن يشبهون والديه، وتؤكّد الدراسات أنّه في حال كان الشريك يشبه أحد الوالدين، فإنّ هذا الأمر يبعث على الاطمئنان، وكلّما شمل التشابه الاهتمامات والهوايات والمعتقدات، أصبح الانجذاب أسهل وتعمقت المشاعر أكثر. ويبدأ الحب بحسب علماء علم النفس الاجتماعي بالتشابه ويستمر بالاختلاف (وليس الخلاف)، بشرط أن نشارك بعضاً في اختلافاتنا ولا نسخر منها أو نقلل من شأنها، فهذا خطر يهدد استمرار الحب.
• تغيرات جسدية:
يصنّف الحب في علم النفس على أنّه أحد أنواع الانفعالات، والانفعال شعور قوي يصدر لأسباب حسيّة يتمّ نقلها إلى الدماغ عن طريق الحواس، فيقوم بإصدار أوامر للجسد ترافقها تغيرات فيزيائية مصاحبة للشعور بالسعادة والنشوة، مثل التعرق، الرعشة في الأطراف، تسارع دقات القلب، التلعثم في الكلام، الخجل وغيرها من الانفعالات التي قد تستمر فترات متفاوتة، تختلف بحسب عمر المُحِب ونضجه العاطفي وبيئته المحيطة.
• تأثير الشوكولاتة:
وفقا لأخصائية العلاقات العاطفية هيلين ييشر، فإن الوقوع في الحب له مذاق وإحساس وفوائد تناول الشوكولاتة الداكنة، والتي تحتوي على مواد منشّطة تسهم في رفع المعنويات وإثارة السعادة ومحاربة التوتر والتعب والاكتئاب، وبالتالي سلامة الأوردة الدموية والقلب والدماغ، وبها نسبة عالية من الثيوبرومين التي تزيد قدرة القلب على الانقباض وتؤثر في العضلات والجهاز العصبي المركزي.
• تعزيز الإخلاص:
عن طريق استخدام الرنين المعناطيسي على مخ عدد من المستقرين عاطفياً، تبيّن أنّ هناك مواد كيميائية يفرزها المخ لديهم، تعزّز الوفاء والإخلاص وعدم التفكير في الخيانة، للحفاظ على العلاقة لمدة أطول.
• السخاء مقابل العدوانية:
خلص الدكتور إيان ميتشل من جامعة برمنغهام إلى أنّ آثار كل من الأوكسيتوسين المرتفع في حالة الحب، والعقاقير المضادة للاكتئاب البسيط والمتوسط، تستهدف مستقبلات متشابهة في الدماغ تسيطر على التوتر والقلق، وتجعل العاشق أكثر سخاءً واستعداداً للثقة بالآخرين، وفي المقابل فإنّ أي رفض أو خيانة من الطرف الآخر، قد تولع شرارة العدوان والغيرة والغرور.
• الثقة والإيجابية:
يُؤكّد علم النفس الاجتماعي أن من يعيش علاقة حب صحّية يشعر بمزيد من الرضا عن ذاته، والثقة بنفسه، مما يمنحه الشعور بالقيمة الشخصية، والمحبة، والإنجاز، والنظر بإيجابية تجاه مختلف جوانب حياته. وأثبتت دراسة بجامعة أوتاجو بنيوزيلندا أنّ مشاعر الحب تنشط قدرة العقل، وتزيد التركيز، وتنمّي الشعور بالرفاهية.
• تحدّي الأزمات:
تؤكد الدراسات أن مشاعر الحب تقلل من معدل دقات القلب إلى النصف، مما يحميه على المدى البعيد، كما أنّ إفراز هرمون الأوكسيتوكين من شأنه تقليل ضغط الدم، وتصفية الذهن، وزيادة الصلابة فيما يخص تحدّي الأزمات.
• تقوية المناعة:
تسهم مشاعر الحب المستقرّة في زيادة إفرازات هرمون الإندورفين المذهل في تقوية جهاز المناعة، مما يحفّز الجسم على تجاوز الأمراض النفسية والجسدية، ويحميه من الأمراض العقلية والذهنية.
• النوم المريح:
يعتبر ارتفاع إفراز هرموني الإندورفين والأوكسيتوكين في حالات الحب أهم حائط صد أمام إفراز هورمون التوتر (الكورتيزول)، مما يخلص من الأرق، ويساعد على نوم عميق وجيّد.
• تأخير الشيخوخة:
يزيد الحب الناجح من إفراز هورمون الأستروجين عند المرأة، والمسؤول عن سلامتها النفسية والجسدية، والاحتفاظ بجلد أكثر مرونة وشباباً، وعلى شعر ناعم وقوي، ويخفّف من ظهور التجاعيد ويؤخّر الشيخوخة.
• سرعة التئام الجروح:
أجرى الباحثان رونالد غلاسروجان كيكولت بجامعة أوهايو الأميركية، دراسة على 42 زوجاً، بإحداث ثمانية ثقوب بسيطة بأذرعهم، ولاحظوا أن الأزواج الذين يتمتعون بحياة عاطفية سعيدة شفيت جروحهم قبل الموعد المتوقع، وعزوا السبب إلى نوعية النوم الجيد التي تساعد على التئام الجروح، إضافة إلى أن الحديث الودّي لمدة نصف ساعة بين الشريكين، يحقق نتيجة مشابهة للتي يحققها النوم من 6 إلى 8 ساعات.