لم تنطفئ شعلة القيصر والمصمم الأيقوني كارل لاغرفيلد Karl Lagerfeld، بعد رحيله عن عالمنا في 19 فبراير العام الماضي.. ولا تزال ذكراه حية، وإنجازاته ماثلة في الأذهان، فكيف اكتسب كل هذا الصيت، والحضور؟.. «زهرة الخليج» تستعرض محطات في حياة إمبراطور الموضة، والتي أسهمت في جعله أحد أهم الرواد المعاصرين على مدى 6 عقود من الزمان.

بعد مسيرة حافلة قدم فيها «ملك الموضة» مصمم الأزياء الألماني من أصل سويدي، كارل لاغرفيلد، أبرز رموز القرنين العشرين والواحد والعشرين، إبداعاته لثلاث دور أزياء: شانيل وفندي وكارل لاغرفيلد، رحل عن عمر ناهز 85 عاماً. انسحب ليمضي آخر أيامه في بيت يحوي قرابة 300 ألف من الكتب واللوحات النادرة، محاطاً بأصدقائه وقطته الشهيرة «شوبيت».
لقّب لاغرفيلد بالمبتكر الأغلى أجراً في العالم، حيث بلغ أجره مليون دولار في الثمانينات، والسبب لا يعزى إلى جذوره الألمانية ذات الأصول البرجوازية، بل إلى موهبته الفذة التي نبعت منها غزارة تصاميمه من دون أن يشوبها أي تكرار، فرأسه دوماً كان يجود بكل جديد. براعته تجلت إلى جانب تصميم الأزياء في التصوير الفوتوغرافي وإخراج الأفلام والتصميم الداخلي.
استطاع لاغرفيلد ببراعة أن يتربع على عرش «دار شانيل»، أحد أبرز رموز فرنسا، منذ عام 1983 ليضخ الدماء الجديدة في شرايينها، حتى درت أرباحاً تقدر الآن بحوالي 10 بلايين دولار سنوياً. وفي بداياته تتلمذ على يد المصمم بيير بالمان، ثم أصبح المدير الفني لدار «جان باتو». وسرعان ما أثبت مكانته في عالم الموضة وعمل لدى كل من كلوي، وتشارلز غوردن، وكريزيا، وفالنتينو، وفندي (1965) حيث كان من أوائل المصممين الذين استجلبوا جلود الأرانب والسناجب إلى عالم الموضة.
الوفاء للهوية
لم يتوارَ اسم شانيل بمجرد أن أغمضت عينيها ورحلت عن الدنيا، كما هي الحال مع الكثير من المصممين. ولم يكن أبداً من السهل خلافة المصممة العملاقة. وعندما وجد لاغرفيلد نفسه أمام هذا التحدي، رفض تقليد تصاميم شانيل السابقة، وعزم على تطوير الدار، فبرزت بصماته في تصاميم ذات طابع عصري مستقبلي، وفي تاييرات التويد وأثواب السهرات السوداء البسيطة، وسلاسل الذهب واللؤلؤ، والحقائب المبطنة، محافظاً على روح شانيل ووفياً لأسلوبها الابتكاري الفني حتى وفاته. ورغم أنه رمزاً للثقافة الشعبية، لم ينسّ قط القيم التي استندت إليها شانيل: الاستقلالية، والحرية والحداثة.
 أسرار الريادة
وتكمن ريادته كذلك في أنه مصدر إلهام للعديد من المصممين كي ينفضوا الغبار عن كبريات بيوت الأزياء وتحويلها إلى منارات مضيئة للأناقة المترفة، كما فعل جون غاليانو مع ديور، وميشيل أليساندرو مع غوتشي. بالإضافة إلى قيامه بتوسيع إمبراطورية شانيل إلى ما وراء الأزياء لتشمل الإكسسوارات والعطور والمجوهرات، إيماناً منه بأن العلامات الفاخرة يجب أن تترك بصمتها أيضاً خارج مجال تخصصها.
كان لاغرفيلد أحد أهم أسباب وصف باريس بعاصمة الموضة، وبعد رحيله، افتقدت ساحات الأناقة عروض الأزياء الأسطورية التي برع في تنظيمها لمجموعات Métiers d›art احتفاءً بالباع الطويلة لشانيل في الحرفية والمهارة اليدوية، وسط ديكور ساحر يحاكي الواقع، تارة في قلعة أسكتلندية، أو على متن باخرة في شنغهاي، أو في قصر مهيب، أو على ضفاف نهر السين.
استحقاق
لم يكن أنانياً، ولم ينخرط في تسليط الأضواء على العلامة التي تحمل اسمه، بقدر ما تفانى وتفوق على نفسه في إعادة إحياء إمبراطورية عريقة طيلة 36 عاماً، لهؤلاء الذين عشقوا روحه الإبداعية ودفئه الإنساني، وبهذا نال اسمه استحقاق أن يخلده تاريخ الموضة عبر العصور.

من أقوال لاغرفيلد:

الشياكة نوع من المايونيز، إما أن يكون مذاقها طيباً أو لا.
أعيش في عزلة وكأني في مسرح تنسدل من حولي الستائر من دون جمهور.
فجأة أردت أن أرتدي البدلات الضيقة التي كان يصممها هيدي سليمان لدار ديور، ففقدت 42 كيلو جراماً من وزني.
القميص الأبيض هو القطعة الوحيدة التي كنت أود أن أنفرد باختراعها، فهو الأساس لأي إطلالة.
في طفولتي تمنيت أن أصبح رسام كاريكاتير، والآن، أصبحت موضوعاً للكاريكاتير.
أنا علامة تجارية حية، اسمي Labelfeld وليس لاغرفيلد.