محمود العايدي
ساعدت فترة الحجر المنزلي في دول العالم بسبب جائحة «كوفيد 19»، على الابتكار في طرق التواصل مع الآخرين ومحاولة تخفيف شعور العزلة والانقطاع عن ممارسة الحياة الطبيعية.
من تلك المحاولات ما فعله بعض القائمين على دور العرض السينمائية في مدن عالمية مثل باريس وبرلين ودرسدن في ألمانيا وكوريا الجنوبية، حيث أقيمت عروض سينمائية لسكان العمارات المختلفة في كل حي مع عرض الفيلم على جدران باحات المباني. وشوهد السكان وهم يطلون من نوافذهم وآخرون من شرفات منازلهم،
في حين أغلقت دور العرض السينمائية حول العالم أبوابها، فكر البعض في حلول بديلة، مثل عرض الأفلام بطرق مبتكرة، فأعلنت دار عرض لا كليف الباريسية، عن تقديم عروضها على جدران الدار الخارجية، وبموجب قيود العزل العام، لا يمكن لسكان باريس الخروج إلا لفترات وجيزة لشراء طعام أو لأداء التمارين الرياضية. لكن لا يزال بإمكانهم مشاهدة الأفلام بالنظر من النوافذ أو الخروج إلى شرفات البيوت. ويسعى الفريق المنظم سعياً حثيثاً لإشراك سكان المنطقة في مبادرته، لذا يقع الاختيار على الأفلام التي تُعرض كل أسبوع بالتشاور مع الجيران.
وفي ألمانيا، كغيرهم من شعوب العالم، بعد حالة الإغلاق الكبرى التي فرضها تفشي فيروس كورونا هناك، اكتشفوا في الأيام القليلة الماضية متعة ترفيهية ما زالت متاحة، وتشهد إقبالاً لم تعهده منذ سنوات بعيدة، وهي سينما السيارات.
وقال مدير سينما السيارات فرانك بيزاك في مدينة إيسن، إن هناك إقبالاً غير مسبوق على العروض، وأن التذاكر تحجز بالكامل يومياً، حيث يتسع المكان لـ500 سيارة، ويرجع ذلك إلى كونها وسيلة الترفيه الوحيدة المتاحة في زمن كورونا. وأضاف أن هناك شباباً وعائلات يحضرون للمرة الأولى، ليشعروا بجزء من الحياة الطبيعية التي يفتقدونها، قائلاً: نحن بمثابة الضوء في ظل العتمة الحالية.
وأشار بيزاك إلى أن السينما تعمل بشروط خاصة، وتقدم عرضين يومياً عند الخامسة والثامنة مساء، مضيفاً أن هناك إجراءات صارمة من البلدية حول ضرورة أن تكون المسافة بين كل سيارة وأخرى لا تقل عن مترين، ويسمح في السيارة الواحدة بوجود شخصين بالغين وطفلين فقط، ولم تعد هناك خدمة شباك التذاكر بل يتم حجزها عن طريق موقع السينما عبر الإنترنت.
ومن الإجراءات المتبعة، إبقاء نوافذ السيارات مغلقة طوال وقت العرض والاستماع للصوت عبر موجة راديو محددة.
وعلى خطى مدينة إيسن، فتحت مدينة ميونيخ ودوسلدورف سينما للسيارات هناك نظراً للإقبال الكبير على الفكرة. ويوثق رواد سينما السيارات زياراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة في ألمانيا، حيث يرى البعض أن كورونا سمح لهم باكتشاف هذا السحر السينمائي المهمل منذ عقود.