عندما ظنّ الطب أنه بات الأقوى، تسلل فيروس كورونا (كوفيد 19)، ليُعلن الطوارئ الطبيّة في كلّ العالم، ويوم تلكأ البعض عن الانتباه إلى مناعتهم الذاتية، ظهر جلياً أن من يملك جهاز مناعة قوياً سيكون قادراً على مواجهة أشدّ الأمراض فتكاً.
«مناعة» المشاهير
المشاهير من الفنانين والرياضيين ومؤثري منصات التواصل الاجتماعي، يعتبرهم الكثيرون من الشباب «أيقونات» ويلاحقون أخبارهم ويتمثلون بتصرفاتهم وأقاويلهم ويرتدون ما يرتدون، لكن هل انتبه محبو المشاهير إلى معاناة بعضهم مع أمراض خفيّة سببها مباشر، أو بشكلٍ غير مباشر، ضعف المناعة؟
• مغني الراب نيك كانون عانى مرض الكلى بسبب مرض مناعي ذاتي.
• المغني البريطاني سيل الذي أدى أغنيته العالمية «مجنون» التي نجحت نجاحاً ساحقاً، عانى المرض الجلدي «الذئبة» منذ كان طفلاً مما سبب تقرحات في وجهه وفروة رأسه. ويمكننا أن نلاحظ جلياً على وجهه آثار هذا المرض المتأتي عن نقص مناعته.
• مايكل جاكسون، ملك البوب، تمّ تشخيص إصابته بالبهاق والذئبة وهذا ما أدى إلى ظهور بقع بيضاء على جلده. جاكسون كان يعاني أيضاً ضعف الجهاز المناعي.
• مغنية الهيب هوب ميسي أليوت تصارع بدورها بسبب مناعتها المنخفضة من داء ألمّ بها سمي «داء القبور» الذي أصابها عام 2008 وأثر في مهاراتها الحركية وأصابها بنوبات من الدوار وبأورام في الحلق وتساقط الشعر وتسارع ضربات القلب وجحوظ العينين.
• النجم المصري رامي جمال أعلن قبل عام إصابته بمرض البهاق وكتب «الحمد لله الذي أحبني فابتلاني، وقدرني على الصبر».
حين يتفشى فيروس، أي فيروس، بين البشر يصيب أولاً أكثر الأجسام ضعفاً، وأضعفها ليست الأجسام النحيلة، بل تلك التي تفتقر إلى المناعة القوية، وقد يكون سهلاً على طبيب ما أن يقول لمريض ما: انتبه إلى جهازك المناعي. لكن لماذا هناك أشخاص يمرضون كثيراً وأشخاص آخرون نادراً ما يمرضون؟
الدكتور جورج صليبا الاختصاصي في علم الأحياء والطبّ الرياضي وفي أمراض المفاصل والروماتيزم، الذي سبق أن غاص في العلاج البيولوجي وأمراض المناعة الذاتية يقول: «في جسم الإنسان جهاز مناعة مهمته الدفاع عن الأعضاء وأجهزة الجسم، حين يضعف يُصبح الجسم فريسة هجمات الجراثيم والفيروسات. ومهمة هذا الجهاز التعرف إلى «الفيروسات - الأعداء» والتصدي لها والقضاء عليها، وفي حال وجود أي خلل في هذا الجهاز لا يعود قادراً على التمييز بين الجراثيم والخلايا الطبيعية».
تعزيز المناعة
هناك أكثر من 150 مرضاً يسببها فقدان المناعة الذاتية، بينها داء السكري والتهاب المفاصل الروماتويدي وبعض الأمراض الجلدية وأمراض الكلى، لهذا يتكرر على لسان الأطباء تنبيه مرضى السكري ونقص المناعة على أنواعه من الفيروسات، التي تسبب إذا أصابت فاقد المناعة مضاعفات شتى، بينها تلف في القلب أو الرئتين أو في الجهازين العصبي والهضمي وزيادة خطر الإصابة بالسرطان أو حتى الوفاة إثر عدوى خطيرة. لهذا يُطلبُ من الناس تعزيز المناعة خصوصاً في فترات انتشار الفيروسات. وهناك من يُشبّه عمل الجسم كما الحاسوب أيّ عطلٍ يصيبه يستدعي إعادة برمجة كلّ الجسم.
نداء الجسم
أعوامٌ كثيرة قد تمرّ قبيل أن يفهم الإنسان جسمه وينتبه إلى أن النداء الذي يرسله إشارة إلى وجود نقص في المناعة. فمثلاً أنواع من أمراض الصدفية الجلدية أو البهاق التي قد تكون إشارة إلى ذلك، يحدث نتيجة انحراف الجهاز المناعي عن وظيفته وعدم تمكنه من التمييز بين الخلايا السليمة وهجوم الأجسام الفيروسية أو البكتيرية.
هناك مناعة مكتسبة، جراء ما نتعرض له من أمراض أو ما نتناول من أدوية، ومناعة طبيعية نرثها من جدّ إلى أبّ إلى ابن. فجهاز المناعة مكوّن من أعضاء وخلايا وبروتينات تساعد الإنسان على مقاومة الكائنات الحية والميكروبات التي تهاجم جسم الإنسان وتسيطر على بعض وظائفه، مسببة ظهور أمراض المناعة الذاتية أو الحساسية. والجلد هو من أهم الأعضاء التي تقوم عادة بوظائف مناعية من شأنها منع الميكروبات والحد من اختراقها جسم الإنسان. وكلما حرصنا على تقوية مناعتنا غذائياً وطبيعياً أبعدنا شبح الأمراض المناعية على أنواعها.
جهاز معقد
جهاز المناعة معقد، وكلما عانى الإنسان أمراضاً مزمنة، مثل السكري، ضعف جهازه المناعي. في حين أن الخبراء، على مساحة الكرة الأرضية، يبدون غير متيقنين من أسباب عدم تحصّن بعض البشر ضد المرض، غير أنهم يخمنون في الموضوع، معتبرين أن من يتمتعون بصحة أفضل ينجون من الفيروسات أسرع. وهذه المناعة تُكتسب، بدليل أن كثيراً من الأمهات نادراً ما يمرض، حتى في ذروة انتشار «الكريب»، بل يبقين يداوين كلّ أفراد البيت تباعاً، وحين يهاجمهن الفيروس يخسر أمامهنّ لأن مناعتهن، لكثرة ما واجهنه عبر أطفالهن، أصبحت أقوى.
النساء والأطفال
ثلثا من يعانون أمراض المناعة الذاتية من النساء، ويُرد هذا إلى الهرمونات الأنثوية التي تستجيب بسرعة لأي شيء تراه يتهددها. أما الأطفال، فهم يتعرضون في سنيهم الأولى، لالتهابات في الجهاز الهضمي، لأنهم يرغبون في التعلم عن طريق استكشاف ولمس كل الأشياء من حولهم، وهذه الخطوة الضرورية لنموهم الصحي تجعلهم في المقابل عرضة للجراثيم وتزيد مخاطر إصابتهم بالمرض. لذا يفترض في الأوقات الصعبة، كما تلك التي نعيشها مع «كوفيد 19» التنبه لمن هم دون السنة كثيراً. في المقابل، مناعة الأطفال تكون غالباً أقوى من مناعة الكبار، حيث يشارك أكثر من 1600 جين في الاستجابة المناعية الفطرية والمتكيفة. وهذه الجينات ذات أهمية كبيرة للحفاظ على الحياة في بيئة معادية. ويأتي اللقاح ليقوي مناعة الأطفال المعرضين أكثر من سواهم للفيروسات المسببة للأمراض والبكتيريا والفطريات والطفيليات. وهذه اللقاحات تحفز الاستجابة المناعية الوقائية في الجهاز المناعي الناضج، وتولد ذاكرة مناعية لدى الشباب ويُحصنهم، لكن هذه الذاكرة لا تلبث أن تتلاشى في مرحلة الشيخوخة مما يجعل الكبار أكثر تأثراً بالعدوى. وكيف إذا أتت على شاكلة فيروس جديد.
5 أسئلة تفسر «كوفيد 19»
• «كوفيد 19» ضرب الرئة... فما الأسباب العامة التي تؤذي الرئة؟
- تزيد الأسباب المرضية التي تضرّ الرئة على الثلاثين أبرزها: الالتهابات البكتيرية والفيروسية والفطرية والكيميائية والسلّ. ويهم أن تعرفوا هنا أنه حين يكون التهاب الرئة من النوع الجرثومي، يظهر المرض بشكل سريع وترتفع الحرارة ويصبح التنفس صعباً، أما في حالات التهاب الرئة الفيروسي فإن الأعراض تظهر تباعاً. في كل حال، يجب علاج أي فيروس داهم قبيل أن يسبب أذى في الرئتين لأنه إذا عبث فيهما يكون العلاج قد تأخر.
• ماذا عن سبل الوقاية اليوم وغداً وبعد غدّ؟
- تبدأ الوقاية بالامتناع عن التدخين ثم بالتغذية الجيدة والنوم الجيد. الرياضة تفيد أيضاً. ويفترض حين تتفشى الفيروسات الابتعاد قدر الإمكان عن التوترات النفسية التي تخفض المناعة.
• ما النصيحة الأولى التي يجب أن تحفظها كلّ أمّ جديدة خصوصاً بعيد تفشي فيروس كورونا؟
- أحلى ما يمكن أن تقدمه الأم لطفلها الجديد هو الرضاعة الطبيعة، كي ينمو بجهاز مناعة قوي قادر على مواجهة الأمراض المزمنة والفيروسات الداهمة.
• من الأشخاص الأكثر عرضة للفيروسات؟
- من يعانون أمراضاً تتعلق بالرئتين والسرطان أو أمراض الكلى والكبد ويواجهون ضعفاً في جهاز المناعة، ومن يتناولون أدوية لتخفيض حموضة المعدة ومن يبالغون في شرب الكحول والتدخين، أو من عانوا للتو نزلة برد قاسية أو يخضعون لحمية غذائية أو يعانون سوء التغذية.
• ماذا لو كنتم في عداد من يعانون نقص المناعة في زمن يتفشى فيه وباء ما؟
- عليكم في هذه الفترة بالذات اتخاذ خطوات وقائية استثنائية بينها: غسل اليدين جيداً بالصابون والعناية بالأسنان مرتين على الأقل يومياً، وتناول الطعام الصحي والحصول على قسط وافر من النوم والتحكم في التوتر وتجنب الزحام.
لمناعة أقوى
هناك أطعمة كثيرة يمكن تناولها للحصول على مناعة أقوى ضد الفيروسات، وهي:
• الثوم: يحتوي على مضادات فيروسية حيوية قوية وخصائص مضادة للفطريات وتساعد على مكافحة العدوى.
• العسل: يقوي جهاز المناعة وله منافع مضادة للجراثيم والميكروبات والفيروسات والفطريات والأكسدة.
• الزنجبيل: يُنصح به مثله مثل الشاي في الحفاظ على صحة وعمل الجهاز المناعي.
• البرتقال: غني بفيتامين «سي» ومضادات الأكسدة القوية التي تساعد على تعزيز جهاز المناعة.
• الجزر: مقوي ممتاز، ومثله الجوافة التي لها خصائص مميزة في تعزيز وظائف المناعة.
• الكرنب: يحتوي على فيتامين «أ» وهو مضاد للأكسدة ويقوي المناعة.